خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

تَبَارَكَ ٱلَّذِيۤ إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذٰلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً
١٠
بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيراً
١١
إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً
١٢
وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُّقَرَّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً
١٣
لاَّ تَدْعُواْ ٱلْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَٱدْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً
١٤
-الفرقان

زاد المسير في علم التفسير

ثم أخبر أنه لو شاء لأعطاه خيراً مما قالوا في الدنيا، وهو قوله: { خيراً من ذلك } يعني: لو شئتُ لأعطيتُك في الدنيا خيراً مما قالوا، لأنه قد شاء أن يعطيَه ذلك في الآخرة. { ويَجْعَلْ لكَ قُصوراً } قرأ ابن كثير، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم { ويجعلُ لكَ قصوراً } برفع اللام. وقرأ أبو عمرو، ونافع، وحمزة، والكسائي، وحفص عن عاصم: { ويجعلْ } بجزم اللام. فمن قرأ بالجزم، كان المعنى: إِن يشأْ يجعلْ لك جنات ويجعلْ [لك] قصوراً. ومن رفع، فعلى الاستئناف [المعنى]: ويجعلُ لكَ قصوراً في الآخرة. وقد سبق معنى { أعتدنا } [النساء: 37] ومعنى { السعير } [النساء: 10].

قوله تعالى: { إِذ رأتْهم من مكان بعيد } قال السدي عن أشياخه: من مسيرة مائة عام.

فان قيل: السعير مذكَّر، فكيف قال: { إِذا رأتهم }؟

فالجواب: أنه أراد بالسعير النار.

قوله تعالى: { سَمِعوا لها تغيُّظاً } فيه قولان.

أحدهما: غَلَيان تَغَيُّظ، قاله الزجاج. قال المفسرون: والمعنى: أنها تتغيَّظ عليهم، فيسمعون صوت تغيُّظها وزفيرها كالغضبان إِذا غلا صدره من الغيظ.

والثاني: يسمعون فيها تغيُّظ المعذَّبين وزفيرهم، حكاه ابن قتيبة.

قوله تعالى: { وإِذا أُلْقُوا منها مكاناً ضيِّقاً مُقَرَّنِين دَعَواْ هنالك ثُبوراً } قال المفسرون: تضيِّق عليهم كما يضيِّق الزُّجُّ على الرُّمح، وهم قد قُرنوا مع الشياطين والثُّبور: الهَلَكة. وقرأ عاصم الجحدري وابن السميفع { ثَبوراً } بفتح الثاء.

قوله تعالى: { وادعوا ثُبوراً كثيراً } قال الزجاج: الثُّبور مصدر، فهو للقليل والكثير على لفظ الواحد، كما تقول: ضربته ضرباً كثيراً، والمعنى: هلاكهم أكثر من أن يدعوا مرة واحدة. وروى أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول من يُكْسى من أهل النار يوم القيامة إِبليس، يُكْسى حُلَّة من النَّار فيضعها على حاجبيه ويسحبها من خلفه وذريَّتُه خلفه وهو يقول: واثبوراه، وهم ينادون: يا ثبورهم، حتى يقفوا على النار، فينادي: يا ثبوراه، وينادون: يا ثبورهم، فيقول الله عز وجل: { لا تدعوا اليوم ثُبوراً واحداً وادعوا ثُبوراً كثيراً }" .