خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَامِ وَنُزِّلَ ٱلْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً
٢٥
ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى ٱلْكَافِرِينَ عَسِيراً
٢٦
وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يٰلَيْتَنِي ٱتَّخَذْتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلاً
٢٧
يَٰوَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً
٢٨
لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً
٢٩
-الفرقان

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { ويَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماء بالغَمَام ونُزِّلَ الملائكةُ تنزيلاً } هذا معطوف على قوله: { يوم يرون الملائكة }، وقرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر: { تَشَّقَّقُ } بالتشديد، فأدغموا التاء فى الشين، لأن الأصل تتشقق. قال الفراء: المعنى: تتشقق السماء عن الغمام، وتنزل فيه الملائكة، و«على» و«عن» و«الباء» في هذا الموضع بمعنى واحد، لأن العرب تقول: رميت عن القوس، وبالقوس، وعلى القوس، والمعنى واحد. وقال أبو علي الفارسي: المعنى: تتشقَّقُ السماء وعليها غمام، كما تقول: ركب الأمير بسلاحه، وخرج بثيابه، وإِنما تتشقَّق السماء لنزول الملائكة. قال ابن عباس: تتشقق السماء عن الغمام، وهو الغيم الأبيض، وتنزل الملائكة في الغمام. وقال مقاتل: المراد بالسماء: السماوات، تتشقق عن الغمام، وهو غمام أبيض كهيئة الضَّباب، فتنزل الملائكة عند انشقاقها. وقرأ ابن كثير: { ونُنْزِلُ } بنونين، الأولى مضمومة، والثانية ساكنة، واللام مضمومة، و«الملائكةَ» نصباً. وقرأ عاصم الجحدري، وأبو عمران الجوني: { ونَزَّلَ } بنون واحدة مفتوحة ونصب الزاي وتشديدها وفتح اللام ونصب «الملائكةَ». وقرأ ابن يعمر: { ونَزَلَ } بفتح النون واللام والزاي والتخفيف { الملائكةُ } بالرفع.

قوله تعالى: { المُلْكُ يَوْمَئِذٍ الحَقُّ للرَّحمن } قال الزجاج: المعنى: المُلْك الذي هو المُلْك حقّاً للرحمن. فأما العسير، فهو الصعب الشديد يشتد على الكفار، ويهون على المؤمنين فيكون كمقدار صلاة مكتوبة.

قوله تعالى: { ويَوْمَ يَعَضُّ الظالمُ على يديه } في سبب نزولها ثلاثة أقوال.

أحدها: أن أُبيَّ بن خَلَف كان يحضر [عند] رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجالسه من غير أن يؤمن به، فزجره عُقبة بن أبي مُعَيط عن ذلك، فنزلت هذه الآية، رواه عطاء الخراساني عن ابن عباس.

والثاني: "أن عُقبة دعا قوماً فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام فأكلوا، وأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأكل، وقال لا آكل حتى تَشهد أن لا إِله إِلا الله وأنِّي رسولُ الله، فشهد بذلك عقبة، فبلغ ذلك أُبيَّ بن خَلَف، وكان خليلاً له، فقال: صبوت يا عقبة؟ فقال: لا والله، ولكنه أبى أن يأكل حتى قلت ذلك، وليس من نفسي، فنزلت هذه الآية" ، قاله مجاهد.

والثالث: أن عُقبة كان خليلاً لأُميَّة بن خَلَف، فأسلم عُقبة، فقال أُمية: وجهي من وجهك حرام إِن تابعتَ محمداً، فكفر وارتدَّ لرضى أُميَّة، فنزلت هذه الآية، قاله الشعبي.

فأما الظالم [المذكور] هاهنا، فهو الكافر، وفيه قولان.

أحدهما: أنه أُبيُّ بن خَلَف، رواه العوفي عن ابن عباس.

والثاني: عُقبة بن أبي مُعَيط، قاله مجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة. قال عطاء: يأكل يديه حتى تذهبا إِلى المرفقين، ثم تنبتان، فلا يزال هكذا كلَّما نبتت يده أكلها ندامة على ما فعل.

قوله تعالى: { يا ليتني اتَّخَذْتُ } الأكثرون يسكِّنون { يا ليتني }، وأبو عمرو يحرِّكها؛ قال أبو علي: والأصل التحريك، لأنها بازاء الكاف التي للخطاب، إِلا أن حرف اللِّين تكره فيه الحركة، ولذلك أسكن من أسكن؛ والمعنى: ليتني اتَّبعتُه فاتَّخذتُ معه طريقاً إلى الهُدى.

قوله تعالى: { ليتني لم أتَّخِذ فلاناً } في المشار إِليه أربعة أقوال.

أحدها: أنه عنى أُبيَّ بن خَلَف، قاله ابن عباس.

والثاني: عقبة بن أبي مُعَيط، قاله أبو مالك.

والثالث: الشيطان، قاله مجاهد.

والرابع: أُميَّة ابن خَلَف، قاله السدي.

فان قيل: إِنما يكنى من يخاف المبادأة أو يحتاج إِلى المُداجاة، فما وجه الكناية؟

فالجواب: أنه أراد بالظالم: كلَّ ظالم، وأراد بفلان: كلَّ من أُطيع في معصية وأُرضي بسخط الله، وإِن كانت الآية نزلت في شخص، قاله ابن قتيبة. قوله تعالى: { لقد أضلَّني عن الذِكْر } أي: صرفني عن القرآن والإِيمان به { بعد إِذ جاءني } مع الرسول، وهاهنا تم الكلام. ثم قال الله تعالى: { وكان الشَّيطان للانسان } يعني: الكافر { خَذُولاً } يتبرأ [منه] في الآخرة.