خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ
٦٩
إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ
٧٠
قَالُواْ نَعْبُدُ أَصْنَاماً فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ
٧١
قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ
٧٢
أَوْ يَنفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ
٧٣
قَالُواْ بَلْ وَجَدْنَآ آبَآءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ
٧٤
قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَّا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ
٧٥
أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمُ ٱلأَقْدَمُونَ
٧٦
فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِيۤ إِلاَّ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ
٧٧
ٱلَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ
٧٨
وَٱلَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ
٧٩
وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ
٨٠
وَٱلَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ
٨١
وَٱلَّذِيۤ أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ ٱلدِّينِ
٨٢
-الشعراء

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { هل يَسْمَعُونكم } والمعنى: هل يَسمعون دعاءكم. وقرأ سعيد بن جبير، وابن يعمر، وعاصم الجحدري: { هل يُسْمِعونكم } بضم الياء وكسر الميم، { إِذ تَدْعُون } قال الزجاج: إِن شئت بيَّنت الذال، وإِن شئت أدغمتها في التاء وهو أجود في العربية، لقرب الذال من التاء.

قوله تعالى: { أو يَنْفَعونكم } أي: إِن عبدتموهم { أو يَضُرُّونَ } إِن لم تعبدوهم؟ فأخبروا عن تقليد آبائهم.

قوله تعالى: { فإنَّهم عَدُوٌّ لي } فيه وجهان.

أحدهما: أن لفظه لفظ الواحد والمراد به الجميع؛ فالمعنى: فانهم أعداءٌ لي.

والثاني: فان كلَّ معبود لكم عدوٌّ لي.

فان قيل: ما وجه وصف الجماد بالعداوة؟

فالجواب: من وجهين.

أحدهما: أن معناه: فانهم عدوٌّ لي يوم القيامة إِن عبدتُهم.

والثاني: أنه من المقلوب؛ والمعنى: فإنِّي عدوٌّ لهم، لأن مَنْ عاديتَه عاداكَ، قاله ابن قتيبة.

وفي قوله: { إِلاّ رَبَّ العالَمِين } قولان.

أحدهما: أنه استثناء من الجنس، لأنه عَلِم أنهم كانوا يعبُدون الله مع آلهتهم، قاله ابن زيد.

والثاني: أنه من غير الجنس؛ والمعنى: لكن ربّ العالمين [ليس كذلك]، قاله أكثر النحويين.

قوله تعالى: { الذي خلقني فهو يَهْدِين } أي: إِلى الرّشد، لا ما تعبُدون، { والذي هو يُطْعِمُني وَيَسْقين } أي: هو رازقي الطعام والشراب.

فإن قيل: لم قال: { مرضتُ }، ولم يقل «أمرضَني»؟

فالجواب: أنه أراد الثناء على ربّه فأضاف إِليه الخير المحض، لأنه لو قال: «أمرضَني» لعدَّ قومُه ذلك عيباً، فاستعمل حُسن الأدب؛ ونظيره قصة الخضر حين قال في العيب: { { فأردتُ } [الكهف:79]، وفي الخير المحض: { { فأراد ربُّكَ } [الكهف:82].

فإن قيل: فهذا يردُّه قوله: { والذي يُميتني }.

فالجواب: أن القوم كانوا لا يُنكرون الموت، وإِنما يجعلون له سبباً سوى تقدير الله عز وجل، فأضافه إِبراهيم إِلى الله عز وجل، وقوله: { ثم يُحيين } يعني للبعث: [وهو] أمرٌ لا يُقِرُّون به، وإِنما قاله استدلالاً عليهم؛ والمعنى: أن ما وافقتموني عليه موجب لِصِحَّة قولي فيما خالفتموني فيه.

قوله تعالى: { والذي أَطْمَعُ أن يَغْفِر لي خطيئتي } يعني: ما يجري على مِثْلِي من الزَّلل؛ والمفسرون يقولون: إِنما عنى الكلمات الثلاث التي ذكرناها في [الأنبياء:63]، { يومَ الدِّين } يعني: يوم الحشر والحساب؛ وهذا احتجاج على قومه أنه لا تصلحُ الإِلهية إِلا لِمَنْ فَعَلَ هذه الأفعال.