قوله تعالى: { وكان في المدينة } وهي الحِجْر التي نزلها صالح { تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفسدون في الأرض } يريد: في أرض الحِجْر، وفسادهم: كفرهم ومعاصيهم، وكانوا يسفكون الدِّماء ويَثِبون على الأموال والفروج، وهم الذين عملوا في قتل الناقة. وروي عن سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح قالا: كان فسادهم كسر الدراهم والدنانير، { قالوا } فيما بينهم { تَقَاسَموا بالله } أي: احلفوا بالله { لَنُبَيِّتَنَّهُ } أي: لنقتُلنَّ صالحاً { وأهلَه } ليلاً { ثم لَنَقولَنَّ } وقرأ حمزة، والكسائي { لتُبَيِّتُنَّهُ وأهلَه ثم لَتَقولُنَّ } بالتاء فيهما. وقرأ مجاهد، وأبو رجاء، وحميد بن قيس { لَيُبَيِّتُنَّهُ } بياء وتاء مرفوعتين { ثم لَيَقُولُنَّ } بياء مفتوحة وقاف مرفوعة وواو ساكنة ولام مرفوعة { لِوَليِّه } أي: لوليِّ دمه إِنْ سألَنا عنه { ما شَهِدْنا } أي: ما حضرنا { مُهْلِكَ أَهْلِهِ } قرأ الأكثرون بضم الميم وفتح اللام؛ والمَهْلِك: يجوز أن يكون مصدراً بمعنى الإِهلاك، ويجوز أن يكون الموضع. وروى ابو بكر، وأبان عن عاصم: بفتح الميم واللام، يريد الهلاك؛ يقال: هَلَكَ يَهْلِكُ مَهْلَكاً. وروى عنه حفص، والمفضل: بفتح الميم وكسر اللام، وهو اسم المكان، على معنى: ما شهدنا موضع هلاكهم؛ فهذا كان مكرهم، فجازاهم الله عليه فأهلكهم.
وفي صفة إِهلاكهم أربعة أقوال.
أحدها: أنهم أتَوا دار صالح شاهرين سيوفهم، فرمتْهم الملائكة بالحجارة فقتلتهم، [قاله ابن عباس.
والثاني: رماهم الله بصخرة فقتلتهم، قاله قتادة].
والثالث: أنهم دخلوا غاراً ينتظرون مجيء صالح، فبعث الله صخرة سدَّت باب الغار، قاله ابن زيد.
والرابع: أنهم نزلوا في سفح جبل ينتظر بعضهم بعضاً ليأتوا دار صالح، فجثم عليهم الجبل فأهلكهم، قاله مقاتل.
قوله تعالى: { أنَّا دَمَّرْنَاهُم } قرأ عاصم، وحمزة، والكسائي: { أنَّا دمَّرناهم } بفتح الألف. وقرأ الباقون بكسرها. فمن كسر استأنف، ومن فتح، فقال أبو علي: فيه وجهان.
أحدهما: أن يكون بدلاً من { عاقبةُ مَكْرهم }.
والثاني: أن يكون محمولاً على مبتدإٍ مضمر، كأنه قال: هو أنَّا دمَّرناهم.
قوله تعالى: { فَتِلْك بيوتُهم خاويةً } قال الزجاج: هي منصوبة على الحال؛ المعنى: فانظر إِلى بيوتهم خاويةً.