خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ ٱشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ ٱلْمَصِيرُ
١٤
وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي ٱلدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
١٥
يٰبُنَيَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ أَوْ فِي ٱلأَرْضِ يَأْتِ بِهَا ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ
١٦
يٰبُنَيَّ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ وَأْمُرْ بِٱلْمَعْرُوفِ وَٱنْهَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَآ أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ
١٧
-لقمان

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { ووصَّينا الإِنسان بوالديه } قال مقاتل: نزلت في سعد بن أبي وقاص، وقد شرحنا ذلك في [العنكبوت:8].

قوله تعالى: { حملتْه أُمُّه وَهْناً على وَهْنٍ } وقرأ الضحاك، وعاصم الجحدري { وَهَناً على وَهَنٍ } بفتح الهاء فيهما. قال الزجاج: أي ضَعْفاً على ضَعْف. والمعنى: لزمها بحَمْلها إِيَّاه أن تَضْعُف مَرَّةً بعد مَرَّة. وموضع «أن» نصب بـ { وصَّيْنا }؛ المعنى: ووصَّينا الإِنسان أن أشكُر لي ولوالدَيْك، أي: وصَّيناه بشُكْرنا وشُكر والدَيه.

قوله تعالى: { وفِصَالُه في عامَين } أي: فِطامُه يقع في انقضاء عامين. وقرأ إِبراهيم النخعي، وأبو عمران، والأعمش: { وفَصَالُه } بفتح الفاء. وقرأ أُبيُّ بن كعب، والحسن وأبو رجاء، وطلحة بن مصرِّف؛ وعاصم الجحدري، وقتادة؛ { وفَصْلُه } بفتح الفاء وسكون الصاد من غير ألف. والمراد: التنبيه على مشقَّة الوالدة بالرَّضاع بعد الحمل. قوله تعالى: { وإِن جاهَداكَ } قد فسرنا ذلك في سورة [العنكبوت:8] إِلى قوله: { وصاحِبْهُما في الدُّنيا معروفاً } قال الزجاج: أي مُصَاحَباً معروفاً، تقول صاحبه مُصَاحَباً ومُصَاحَبَةً؛ والمعروف: ما يُستحسن من الأفعال.

قوله تعالى: { واتَّبِعْ سبيلَ مَنْ أناب إِليَّ } أي: مَنْ رَجَع إِليَّ؛ وأهل التفسير يقولون: هذه الآية نزلت في سعد، وهو المخاطَب بها.

وفي المراد بمَنْ أناب ثلاثة أقوال.

أحدها: أنه أبو بكر الصِّدِّيق، قيل لسعد: اتَّبِع سبيله في الإِيمان، هذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء. وقال ابن إِسحاق: أسلم على يَدي أبي بكر [الصِّدِّيق]: عثمانُ بن عفان، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف.

والثاني: أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله ابن السائب.

والثالث: مَنْ سلك طريق محمد وأصحابه، ذكره الثعلبي.

ثم رجع إِلى الخبر عن لقمان فقال: { يا بُنيَّ }. وقال ابن جرير: وجه اعتراض هذه الآيات بين الخبرين عن وصيَّة لقمان أنَّ هذا ممَّا أوصى به لقمانُ ابنَه.

قوله تعالى: { إِنَّها إِنْ تَكُ مِثقالَ حَبَّة } وقرأ نافع وحده: { مِثقالُ حَبَّة } برفع اللام. وفي سبب قول لقمان لابنه هذا قولان.

أحدهما: أن ابن لقمان قال لأبيه: أرأيتَ لَو كانت حبَّة في قعر البحر أكان اللّهُ يعلَمُها؟ فأجابه بهذه الآية، قاله السدي.

والثاني: أنه قال يا أبت إِن عملتُ الخطيئة حيث لا يراني أحد، كيف يعلَمُها الله؟ فأجابه بهذا، قاله مقاتل.

قال الزجاج: من قرأ برفع المثقال مع تأنيث { تَكُ } فلأنَّ { مثقال حبَّة من خردل } راجع إِلى معنى: خردلة، فهي بمنزلة: إِن تَكُ حبَّةٌ من خردل؛ ومن قرأ { مثقالَ حبَّة } فعلى معنى: إِن التي سألتَني عنها إِن تَكُ مثقالَ حبَّة، وعلى معنى: إِنَّ فَعْلَة الإِنسان وإِن صَغُرت يأت بها الله. وقد بيَّنَّا معنى { مثقالَ حبَّة من خردل } في [الأنبياء47].

قوله تعالى: { فتكُن في صخرة } قال قتادة: في جبل. وقال السدي: هي الصخرة التي تحت الأرض السابعة، ليست في السماوات ولا في الأرض.

وفي قوله: { يأت بها اللّهُ } ثلاثة أقوال.

أحدها: يعلَمها اللّهُ، قاله أبو مالك.

والثاني: يُظهرها، قاله ابن قتيبة.

والثالث: يأت بها الله في الآخرة للجزاء عليها.

{ إِنَّ الله لطيف } قال الزجاج: لطيف باستخراجها { خبير } بمكانها. وهذا مَثَل لأعمال العباد، والمراد أنَّ الله تعالى يأتي بأعمالهم يوم القيامة، مَنْ يعمل مثقال ذَرَّة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذَرَّة شرّاً يره.

قوله تعالى: { واصْبِر على ما أصابك } أي: في الأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنْكَر من الأذى. وباقي الآية مفسر في [آل عمران:286].