خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِذْ جَآءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ ٱلأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَاْ
١٠
هُنَالِكَ ٱبْتُلِيَ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً شَدِيداً
١١
وَإِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً
١٢
-الأحزاب

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { إِذ جاؤوكم مِنْ فوقكم ومِن أسفلَ منكم } أي: مِنْ فوق الوادي ومن أسفله { وإِذ زاغت الأبصار } أي: مالت وعَدَلت، فلم تنظُر إِلى شيء إِلاَّ إِلى عدوِّها مُقْبِلاً من كل جانب، { وبَلَغت القلوبُ الحناجر } وهي جمع حَنْجَرَة، والحَنْجَرَة: جوف الحُلْقُوم. قال قتادة: شَخَصتْ عن مكانها، فلولا أنَّه ضاق الحُلقوم عنها أن تخرُج لخرجتْ. وقال غيره: المعنى: أنهم جَبُنوا وَجِزع أكثرهم؛ وسبيل الجبان إِذا اشتدُّ خوفُه أن تنتفخ رئته فيرتفع حينئذ القلب إِلى الحَنْجَرة، وهذا المعنى مروي عن ابن عباس والفراء. وذهب ابن قتيبة إِلى أن المعنى: كادت القلوبُ تبلُغ الحُلوقَ من الخوف. وقال ابن الأنباري: «كاد» لا يُضْمَر ولا يُعْرَف معناه إِذا لم يُنْطَق به.

قوله تعالى: { وتَظُنُّون بالله الظنُّونا } قال الحسن: اختلفت ظنونهم، فظن المنافقون أن محمداً وأصحابه يُستأصَلون، وظن المؤمنون أنه يُنْصَر.

قرأ ابن كثير، والكسائي، وحفص عن عاصم: { الظنُّونا } و { الرَّسولا } [الأحزاب:66] و { السَّبيلا } [الأحزاب: 67] بألف إِذا وقفوا عليهن، وبطرحها في الوصل. وقال هبيرة عن حفص عن عاصم: وصل أو وقْف بألف. وقرأ نافع، وابن عامر، وأبو بكر عن عاصم: بالألف فيهن وصلاً ووقفاً. وقرأ أبو عمرو، وحمزة، والكسائي: بغير ألف في وصل ولا وقف. قال الزجاج: والذي عليه حُذَّاق النحويين والمتَّبعون السُّنَّة من قُرَّائهم أن يقرؤوا: { الظنُّونا } ويقفون على الألف ولا يَصِلون؛ وإِنما فعلوا ذلك، لأن أواخر الآيات عندهم فواصل يُثبتون في آخرها الألف في الوقف.

قوله تعالى: { هنالك } أي: عند ذلك { ابْتُلِيَ المؤمِنون } أي: اختُبروا بالقتال والحصر ليتبيَّن المُخلِص من المنافق { وزُلْزِلوا } أي: أُزعجوا وحُرِّكوا بالخوف، فلم يوجَدوا إِلا صابرين. وقال الفراء: حُرِّكوا إِلى الفتنة تحريكاً، فعُصموا.

قوله تعالى: { وإِذ يقولُ المنافقون والذين في قلوبهم مرض } فيه قولان.

أحدهما: أنه الشِّرك، قاله الحسن.

والثاني: النفاق، قاله قتادة { ما وَعَدَنا اللّهُ ورسولُه إِلاَّ غُروراً } قال المفسرون: قالوا يومئذ: إِن محمداً يَعِدنا أن نفتَح مدائن كسرى وقيصر وأحدنا لا يستطيع أن يجاوز رحله! هذا واللّهِ الغُرور. وزعم ابن السائب أن قائل هذا معتِّب بن قُشَير.