خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوۤاْ آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي ٱلدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَـٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً
٥
ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوۤاْ إِلَىٰ أَوْلِيَآئِكُمْ مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً
٦
-الأحزاب

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { أُدعوهم لآبائهم } قال ابن عمر: ما كنَّا ندعو زيد بن حارثة إِلا زيد بن محمد، حتى نزلت { أُدعوهم لآبائهم }. قوله تعالى: { هو أقسط } أي: أعدل، { فان لم تَعْلَموا آباءهم } أي: إِن لم تعرفوا آباءهم { فاخوانُكم } أي: فهم إِخوانُكم، فليقُل أحدُكم: يا أخي، { ومواليكم } قال الزجاج: أي: بنو عمِّكم. ويجوز أن يكون { مواليكم } أولياءَكم في الدِّين.

{ وليس عليكم جُناح فيما أخطأتم به } فيه ثلاثة أقوال.

أحدها: فيما أخطأتم به قبل النَّهي، قاله مجاهد.

والثاني: في دعائكم من تَدْعونه إِلى غير أبيه وأنتم ترَونه كذلك، قاله قتادة.

والثالث: فيما سهوتم فيه، قاله حبيب بن أبي ثابت.

فعلى الأول يكون معنى قوله: { ولكن ما تعمَّدتْ قلوبُكم } أي: بعد النَّهي. وعلى الثاني والثالث: ما تعمَّدتْ في دعاء الرجل إِلى غير أبيه.

قوله تعالى: { النَّبيُّ أَولى بالمؤمِنين مِنْ أنفُسهم } أي: أحقُّ، فله أن يحكُم فيهم بما يشاء، قال ابن عباس: إِذا دعاهم إِلى شيء، ودعتْهم أنفسهم إِلى شيء، كانت طاعتُه أولى من طاعة أنفُسهم؛ وهذا صحيح، فان أنفُسهم تدعوهم إِلى ما فيه هلاكهم، والرسول يدعوهم إِلى ما فيه نجاتهم. قوله تعالى: { وأزواجُه أُمَّهاتُهم } أي: في تحريم نكاحهنَّ على التأبيد، ووجوب إِجلالهنَّ وتعظيمهنَّ؛ ولا تجري عليهنَّ أحكام الأُمَّهات في كل شيء، إِذ لو كان كذلك لَمَا جاز لأحد أن يتزوج بناتِهنَّ، وَلَورِثْنَ المسلمين، ولجازت الخَلوة بهنَّ. وقد روى مسروق عن عائشة أن أمرأة قالت: يا أُمَّاه، فقالت: لستُ لكِ بأُمٍّ؛ إِنَّما أنا أُمُّ رجالكم؛ فبان بهذا الحديث أن معنى الأُمومة تحريمُ نكاحهنَّ فقط. وقال مجاهد: «وأزواجُه أُمَّهاتُهم» وهو أب لهم. وما بعد هذا مفسَّر في آخر [الأنفال] إِلى قوله تعالى: { من المؤمنين والمهاجرين } والمعنى أن ذوي القرابات بعضُهم أولى بميراث بعض من أن يَرِثوا بالإِيمان والهجرة كما كانوا يفعلون قبل النسخ { إِلاَّ أن تفعلوا إِلى أوليائكم معروفاً } [وهذا استثناء ليس من الأول، والمعنى: لكن فِعلُكم إِلى أوليائكم معروفاً] جائز، وذلك أن الله تعالى لمَّا نسخ التوارث بالحلف والهجرة، أباح الوصية للمعاقدين، فللانسان أن يوصيَ لمن يتولاَّه بما أحب من ثلثه. فالمعروف هاهنا: الوصية.

قوله تعالى: { كان ذلك } يعني نسخ الميراث بالهجرة وردّه إِلى ذوي الأرحام { في الكتاب } يعني اللوح المحفوظ { مسطوراً } أي: مكتوباً.