خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ فِي يَتَٰمَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّٰتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدَٰنِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً
١٢٧
-النساء

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { ويستفتونك في النساء } في سبب نزولها خمسة أقوال.

أحدها: أنهم كانوا في الجاهلية لا يورِّثون النساء والأطفال، فلما فرض الله المواريث في هذه السورة، شق ذلك عليهم، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فنزلت هذه الآية، هذا قول ابن عباس، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وقتادة، وابن زيد.

والثاني: أن ولي اليتيمة كان يتزوّجها إِذا كانت جميلةً وهَوِيَها، فيأكل مالها، وإن كانت دميمة منعها الرجال حتى تموت، فاذا ماتت ورثها، فنزلت هذه الآية، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.

والثالث: أنهم كانوا لا يؤتون النساء صَدُقَاتِهِنَّ، ويتملَّك ذلك أولياؤهن، فلما نزل قوله: { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة } سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فنزلت هذه الآية، هذا قول عائشة رضي الله عنها.

والرابع: "أن رجلاً كانت له امرأة كبيرة، وله منها أولاد، فأراد طلاقها، فقالت: لا تفعل، واقسم لي في كل شهر إِن شئت أو أكثر، فقال: لئن كان هذا يصلحُ، فهو أحبُ إِليّ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر له ذلك، فقال:قد سمع الله ما تقول فإن شاء أجابك، فنزلت هذه الآية، والتي بعدها" ، رواه سالم الأفطس عن سعيد بن جبير.

والخامس: أن ولي اليتيمة كان إِذا رغب في مالها وجمالها لم يبسط لها في صداقها، فنزلت هذه الآية، ونهوا أن ينكحوهن، أو يبلغوا بهن أعلى سنتهن من الصداق، ذكره القاضي أبو يعلى.

وقوله: { ويستفتونك } أي: يطلبون الفتوى، وهي تبيين المشكل من الأحكام. وقيل: الاستفتاء: الاستخبار. قال المفسّرون: والذي اسْتَفْتَوه فيه. ميراث النساء، وذلك أنهم قالوا: كيف ترث المرأة والصبي الصغير؟

قوله تعالى: { وما يتلى عليكم في الكتاب } قال الزجاج: موضع «ما» رفع، المعنى: الله يفتيكم فيهن، وما يتلى عليكم في الكتاب أيضاً يفتيكم فيهن، وهو قوله: { وآتوا اليتامى أموالهم... } الآية.

والذي تلي عليهم في التزويج قوله تعالى: { { وإِن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء } [النساء: 3].

وفي يتامى النساء قولان.

أحدهما: أنهنّ النساء اليتامى، فأضيفت الصّفة إِلى الاسم، كما تقول: يوم الجمعة.

والثاني: أنهن أمهات اليتامى، فأضيف إِليهن أولادهن اليتامى.

وفي الذي كتب لهن قولان.

أحدهما: أنه الميراث، قاله ابن عباس، ومجاهد في آخرين.

والثاني: أنه الصداق. ثم في المخاطب بهذا قولان.

أحدهما: أنهم أولياء المرأة كانوا يحوزون صداقها دونها.

والثاني: ولي اليتيمة، كان إِذا تزوجها لم يعدل في صداقها. وفي قوله: { وترغبون أن تنكحوهن } قولان.

أحدهما: وترغبون في نكاحهن رغبة في جمالهن، وأموالهن، هذا قول عائشة، وعبَيدة.

والثاني: وترغبون عن نكاحِهن لقبحهنّ، فتمسكوهن رغبة في أموالهن، وهذا قول الحسن.

قوله تعالى: { والمستضعفين من الولدان } قال الزجاج: موضع المستضعفين خفض على قوله: { وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء } المعنى: وفي الولدان. قال ابن عباس: يريد أنهم لم يكونوا يورّثون صغيراً من الغلمان والجواري، فنهاهم الله عن ذلك، وبين لكل ذي سهم سهمه.

قوله تعالى: { وأن تقوموا لليتامى بالقسط } قال الزجاج: موضع «أن» خفض، فالمعنى: في يتامى النساء، وفي أن تقوموا لليتامى بالقسط. قال ابن عباس: يريد العدل في مهورهن ومواريثهنَّ.