قوله تعالى: { ودوا لو تكفرون كما كفروا } أخبر الله عز وجل المؤمنين بما في ضمائِر تلك الطائِفة، لئلا يحسنوا الظن بهم، ولايجادلوا عنهم، وليعتقدوا عداوتهم.
قوله تعالى: { فلا تتخذوا منهم أولياء } أي لا توالوهم فإنهم أعداء لكم { حتى يهاجروا } أي: يرجعوا إِلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن عباس: فإن تولوا عن الهجرة والتوحيد، { فخذوهم } أي: ائسروهم، واقتلوهم حيث وجدتموهم في الحِل والحرم.
فصل
قال القاضي أبو يعلى: كانت الهجرة فرضاً إِلى أن فتحت مكة. وقال الحسن: فرض الهجرة باق، واعلم أن الناس في الهجرة على ثلاثة أضرب:
من تجب عليه، وهو الذي لا يقدر على إِظهار الإِسلام في دار الحرب، خوفاً على نفسه، وهو قادرٌ على الهجرة، فتجب عليه لقوله { ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها }.
والثاني: من لا تجب عليه بل تستحب له، وهو من كان قادراً على إِظهار دينه في دار الحرب.
والثالث: من لا تستحب له وهو الضعيف الذي لا يقدر على إِظهار دينه، ولا على الحركة كالشيخ الفاني والزّمِن فلم تستحب له للحوق المشقة.