قوله تعالى: { لا يستوي القاعدون من المؤمنين } قال أبو سليمان الدمشقي: نزلت هذه الآية من أجل قوم كانوا إِذا حضرت غزاة يستأذنون في القعود.
وقال زيد بن ثابت: إِني لقاعد إِلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم، إِذ غشيَته السكينة، ثم سرِّي عنه، فقال: «اكتب» { لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون } الآية، فقام ابن أمِّ مكتوم، فقال: يا رسول الله، فكيف بمن لا يستطيع الجهاد؟ فوالله ما قضى كلامَه حتى غشيت رسول الله السكينة، ثم سرِّي عنه، فقال: اقرأ فقرأت لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: { غيرَ أولي الضرر } فألحقتها.
قوله تعالى: { لا يستوي القاعدون } يعني عن الجهاد، والمعنى: أن المجاهد أفضل. قال ابن عباس: وأُريد بهذا الجهاد غزوة بدر. وقال مقاتل: غزاة تبوك.
قوله تعالى: { غير أولي الضرر } قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة: { غيرُ } برفع الرّاء، وقرأ نافع، وابن عامر، والكسائي، وخلف، والمفضل: بنصبها. قال أبو علي: من رفع الراء، جعل «غير» صفة للقاعدين، ومن نصبها، جعلها استثناءً من القاعدين. وفي «الضرر» قولان.
أحدهما: أنه العجز بالزّمانة والمرض، ونحوهما. قال ابن عباس: هم قوم كانت تحبسهم عن الغزاة أمراض وأوجاع. وقال ابن جبير، وابن قتيبة: هم أولو الزّمانة. وقال الزجاج: الضرر: أن يكون ضريراً أو أعمى أو زمناً.
والثاني: أنه العذر، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
قوله تعالى: { فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة } في هؤلاء القاعدين قولان.
أحدهما: أنهم القاعدون بالضرر، قاله ابن عباس، ومقاتل.
والثاني: القاعدون من غير ضرر، قاله أبو سليمان الدمشقي. قال ابن جرير: والدرجة: الفضيلة. فأما الحسنى فهي الجنة في قول الجماعة.
قوله تعالى: { وفضل الله المجاهدين على القاعدين } قال ابن عباس: القاعدون هاهنا: غير أولي الضرر، وقال سعيد بن جبير: هم الذين لا عذر لهم.