{ألم تَرَ إلى الذين يجادِلون في آيات الله} يعني القرآن، يقولون: ليس من عند الله، {أنَّى يُصْرَفونَ} أي: كيف صُرِفوا عن الحق إلى الباطل؟! وفيهم قولان.
أحدهما: أنهم المشركون، قاله ابن عباس.
والثاني: أنهم القَدَريَّة، ذكره جماعة من المفسرين. وكان ابن سيرين يقول: إن لم تكن نزلت في القَدَريَّة فلا أدري فيمن نزلت.
وقرأ ابن مسعود، وابن عباس، وأبو رزين، وأبو مجلز، والضحاك، وابن يعمر، وابن أبي عبلة: {والسلاسلَ يَسحبونَ} بفتح اللام والياء. وقال ابن عباس: إذا سحبوها كان أشدَّ عليهم.
قوله تعالى: {يُسْجَرُونَ} قال مجاهد: توقدَ بهم النار فصاروا وَقودَها.
قوله تعالى: {أين ما كنتم تشرِكونَ} مفسَّر في [الأعراف:190].
وفي قوله: {لَمْ نكن نَدْعو من قَبْلُ شيئاً} قولان.
أحدهما: أنهم أرادوا أن الأصنام لم تكن شيئاً، لأنها لم تكن تضُر ولا تنفع، وهو قول الأكثرين.
والثاني: أنهم قالوه على وجه الجحود، قاله أبو سليمان الدمشقي. {كذلك} أي: كما أضلَّ اللهُ هؤلاء يُضِّلُّ الكافرين.
{ذلكم} العذاب الذي نزل بكم {بما كنتم تَفرحونَ في الأرض بغير الحق} أي: بالباطل {وبما كنتم تَمرحونَ} وقد شرحنا المَرَح في [بني إسرائيل:37] وما بعد هذا قد تقدَّم بتمامه [النحل:29] [يونس:109] [النساء:164] إلى قوله: {وما كان لرسولٍ أن يأتيَ بآية إلاّ باذن الله} وذلك لأنهم كانوا يقترِحون عليه الآيات {فإذا جاء أمرُ الله} وهو قضاؤه بين الأنبياء وأُممهم و {المبطلون}: أصحاب الباطل.
قوله تعالى: {ولِتبلُغوا عليها حاجةً في صُدوركم} أي: حوائجكم في البلاد.
قوله تعالى: {فأيَّ آيات الله تُنْكِرونَ} استفهام توبيخ.
قوله تعالى: {فما أغنى عنهم} في "ما" قولان.
أحدهما: أنها للنفي.
والثاني: [أنها] للاستفهام ذكرهما ابن جرير.
قوله تعالى: {فرٍحوا بما عندهم من العِلْم} في المشار إليهم قولان:
أحدهما: [أنهم] الأُمم المكذِّبة، قاله الجمهور؛ ثم في معنى الكلام قولان.
أحدهما: أنهم قالوا: نحن أعلم منهم لن نُْعَثُ ولن نُحَاسَبَ، قاله مجاهد.
والثاني: فرحوا بما كان عندهم أنه عِلْم، قاله السدي.
والقول الثاني: أنهم الرُّسل؛ والمعنى: فرح الرُّسل لمّا هلك المكذِّبون ونَجَوْا بما عندهم من العِلْم بالله إذ جاء تصديقُه، حكاه أبو سليمان وغيره.
قوله تعالى: {وحاق بهم} يعني بالمكذِّبين العذاب الذي كانوا به يستهزؤون والبأس: العذاب. ومعنى {سُنَّةَ الله}: أنه سَنَّ هذه السُّنَّة في الأُمم، أي: أن إيمانهم لا ينفعُهم إذا رأوا العذاب، {وخسر هنالك الكافرون}.
فإن قيل: كأنهم لم يكونوا خاسرين قبل ذلك؟
فعنه جوابان.
أحدهما: أن "خسر" بمعنى "هلك" قاله ابن عباس.
والثاني: أنه إنما بيَّن لهم خُسرانهم عند نزول العذاب، قاله الزجاج.