قوله تعالى: { تنزيلٌ } قال الفراء: يجوز أن يرتفع "تنزيلٌ" بـ { حم }، ويجوز أن يرتفع بإضمار "هذا". وقال الزجاج: "تنزيلٌ" مبتدأ، وخبره { كتابٌ فُصِّلَتْ آياتُه }، هذا مذهب البصريِّين و { قرآناً } منصوب على الحال، المعنى: بُيِّنَتْ آياتُه في حال جَمْعِه، { لقومٍ يَعْلَمونَ } أي: لِمَن يَعلم.
قوله تعالى: { فأعْرَضَ أكثرُهم } يعني أهل مكة { فهم لا يَسمعونَ } تكبُّراً عنه، { وقالوا قلوبُنا في أكنَّة } أي: في أغطية فلا نفقه قولك. وقد سبق بيان "الأكنَّة" و"الوَقْر" في [الأنعام:25]. ومعنى الكلام: إنّا في تَرْكِ القبول منكَ بمنزلة من لا يَسمع ولا يَفهم، { ومِن بينِنا وبينِكَ حِجابٌ } أي: حاجزٌ في النِّحلة والدِّين. قال الأخفش: و"من" هاهنا للتوكيد.
قوله تعالى: { فاعْمَلْ } فيه قولان.
أحدهما: اعمل في إبطال أمرنا إنا عاملون على إبطال أمرك.
والثاني: اعْمَلْ على دِينكَ إنا عاملون على ديننا.
{ قُلْ إنما أنا بَشَرٌ مثلُكم } أي: لولا الوحي لَمَا دعوتُكم.
{ فاستقيموا إليه } أي: توجَّهوا إِليه بالطاعة، واستغفِروه من الشرك.
قوله تعالى: { الذين لا يؤتون الزكاة } فيه خمسة أقوال.
أحدها: لا يشهدون أن "لا إله إلا الله" رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال عكرمة. والمعنى: لا يطهِّرون أنفُسَهم من الشرك بالتوحيد.
والثاني: لا يؤمِنون بالزكاة ولا يُقِرُّون بها، قاله الحسن، وقتادة.
والثالث: لا يزكُّون أعمالهم، قاله مجاهد، والربيع.
والرابع: لا يتصدَّقون، ولا يُنفِقون في الطاعات، قاله الضحاك، ومقاتل.
والخامس: لا يُعطُون زكاة أموالهم، قال ابن السائب: كانوا يحُجُّون ويعتمرون ولا يزكُّون.
قوله تعالى: { غيرُ ممنون } أي: غير مقطوع ولا منقوص.