قوله تعالى: {حم} قد سبق تفسيره [المؤمن].
قوله تعالى: {عسق} فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه قَسَمٌ أقسم اللهُ به، وهو من أسمائه، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
والثاني: أنه حروف من أسماء؛ ثم فيه خمسة أقوال:
أحدها: أن العين عِلْم الله، والسين سناؤه، والقاف قُدرته، رواه عكرمة عن ابن عباس، وبه قال الحسن.
والثاني: أن العين فيها عذاب، والسين فيها مسخ، والقاف فيها قذف، رواه أبو الجوزاء عن ابن عباس.
والثالث: أن الحاء من حرب، والميم من تحويل مُلك، والعين من عدوّ مقهور، والسين استئصال بسِنين كسِنيّ يوسف، والقاف من قُدرة الله في ملوك الأرض، قاله عطاء.
والرابع: أن العين من عالم، والسين من قُدُّوس، والقاف من قاهر، قاله [سعيد] بن جبير.
والخامس: أن العين من العزيز، والسين من السلام، والقاف من القادر، قاله السدي.
والثالث: أنه اسم من أسماء القرآن، قاله قتادة.
قوله تعالى: {كذلكَ يُوحِي إِليكَ} فيه أربعة أقوال:
أحدها: أنه كما أوحيتُ "حم عسق" إلى كلِّ نبيّ، كذلك نوحيها إليك، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: كذلك نوحي إليك أخبار الغيب كما أوحينا إلى مَنْ قَبْلَكَ، رواه عطاء عن ابن عباس.
والثالث: أن "حم عسق" نزلت في أمر العذاب، فقيل: كذلك نُوحِي إليكَ أن العذاب نازلٌ بمن كذَّبك كما أوحينا ذلك إلى مَنْ كان قَبْلَكَ، قاله مقاتل.
والرابع: أن المعنى: هكذا نوحي إليكَ، قاله ابن جرير.
وقرأ ابن كثير: "يُوحَى" بضم الياء وفتح الحاء. كأنه إذا قيل: مَن يوحي؟ قيل: الله. وروى أبان عن عاصم: "نوحي" بالنون وكسر الحاء.
{تَكادُ السَّماوات يَتَفَطَّرْنَ} قرأ ابن كثير، وابن عامر، وحمزة: {تكاد} بالتاء {يَتَفَطَّرْنَ} بياء وتاء مفتوحة وفتح الطاء وتشديدها. وقرأ نافع، والكسائي: {يكاد} بالياء {يَتَفَطِّرْنَ} مثل قراءة ابن كثير. وقرأ أبو عمرو، وأبو بكر عن عاصم: {تكاد} بالتاء {يَنْفَطِرْنَ} بالنون وكسر الطاء وتخفيفها، أي: يَتَشَقَّقْنَ {مِنْ فَوْقِهِنَّ} أي: من فوق الأَرضِين من عَظَمة الرحمن؛ وقيل: من قول المشركين: "اتخذ الله ولداً". ونظيرها [التي] في [مريم: 90].
{والملائكةُ يسبِّحونَ بحمد ربِّهم} قال بعضهم: يصلُّون بأمر ربِّهم؛ وقال بعضهم: ينزِّهونه عمّا لا يجوز في صفته {ويَستغفرون لِمَنْ في الأرض} فيه قولان.
أحدهما: أنه أراد المؤمنين، قاله قتادة، والسدي.
والثاني: أنهم كانوا يستغفرون للمؤمنين، فلمّا ابتُليَ هاروت وماروت استغفروا لِمَن في الأرض.
ومعنى استغفارهم: سؤالهم الرِّزق لهم، قاله ابن السائب. وقد زعم قوم منهم مقاتل أن هذه الآية منسوخة بقوله:
{ ويَستغفرون للذين آمنوا } } [غافر: 7] وليس بشيءٍ، لأنهم إنَّما يَستغفرون للمؤمنين دون الكفار، فلفظ هذه الآية عامّ، ومعناها خاصّ، ويدل على التخصيص قوله: { ويستغفرون للذين آمنوا } [غافر: 7] لأن الكافر لا يستحق أن يُستغفَر له. قوله تعالى: {والذين اتَّخَذوا مَنْ دونه أولياءَ} يعني كفار مكة اتَّخَذوا آلهة فعبدوها من دونه {اللهُ حفيظٌ عليهم} أي: حافِظٌ لأعمالهم ليجازيَهم بها {وما أنت عليهم بوكيل} أي: لم نوكِّلْكَ بهم فتؤخَذَ بهم. وهذه الآية عند جمهور المفسرين منسوخة بآية السيف، ولا يصح.