قوله تعالى: { استجيبوا لربّكم } أي: أجيبوه، فقد دعاكم برسوله { مِنْ قَبْلِ أن يأتيَ يومٌ } وهو يوم القيامة { لا مَرَدَّ له من الله } أي: لا يَقدر أحد على رَدِّه ودَفْعه { مالكم مِنْ ملجأٍ } تلجؤون إليه، { وما لكم من نَكيرٍ } قال مجاهد: من ناصر ينصُركم. وقال غيره: من قُدرة على تغيير ما نزل بكم.
{ فإن أَعْرَضوا } عن الإِجابة { فما أرسلناك عليهم حفيظاً } لحفظ أعمالهم { إِنْ عليك إلاّ البلاغُ } أي: ما عليك إلاّ أن تبلِّغهم. وهذا عند المفسرين منسوخ بآية السيف.
قوله تعالى: { وإِنّا إِذا أذَقْنا الإِنسانَ مِنّا رحمةً فَرِحَ بها } قال المفسرون: المراد به: الكافر؛ والرحمة: الغنى والصحة والمطر ونحو ذلك. والسَّيِّئة: المرض والفقر والقحط [ونحو ذلك]. والإنسان هاهنا: اسم جنس، فلذلك قال: { وإِن تُصِبْهم سيِّئةٌ بما قدَّمتْ أيديهم } أي: بما سلف من مخالفتهم { فإنَّ الإنسان كفورٌ } بما سلف من النِّعم.
{ للهِ مُلْكُ السموات والأرض } أي: له التصرُّف فيها بما يريد، { يَهَبُ ِلَمن يشاء إناثاً } يعني البنات ليس فيهنّ ذَكَر، كما وهب للوط صلى الله عليه وسلم، فلم يولَد له إلاَ البنات. { ويَهَبُ لِمَن يشاء الذُّكور } يعني البنين ليس معهم أُنثى، كما وهب لإبراهيم عليه الصلاة والسلام، [فلم يولد له إِلا الذًّكور].
{ أو يزوِّجُهم } يعني الإناث والذُّكور. قال الزجاج: ومعنى "يزوِّجُهم": يَقْرُنُهم. وكل شيئين يقترن أحدهما بالآخر، فهما زوجان، ويقال لكل واحد منهما: زوج، تقول: عندي زوجان من الخِفاف، يعني اثنين.
وفي معنى الكلام للمفسرين قولان:
أحدهما: أنه وضْعُ المرأة غلاماً ثم جارية ثم غلاماً ثم جارية، قاله مجاهد، والجمهور.
والثاني: [أنه] وضْعُ المرأة جاريةً وغلاماً توأمين، قاله ابن الحنفية. قالوا: وذلك كما جُمع لمحمد صلى الله عليه وسلم فإنه وهب له بنين وبنات، { ويَجْعَلُ من يشاء عقيماً } لا يولد له، كيحيى بن زكريا عليهما السلام. وهذه الأقسام موجودة في سائر الناس، وإنما ذكروا الأنبياء تمثيلاً.