خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

هُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱلْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِّيُدْخِلَ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً
٢٥
إِذْ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ ٱلتَّقْوَىٰ وَكَانُوۤاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً
٢٦
-الفتح

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { هُمُ الذين كفَروا } يعني أهل مكة { وصدًّوكم عن المسجد الحرام } أن تطوفوا به وتحلّوا من عُمرتكم { والهَدْيَ } قال الزَّجاج: أي: وصدُّوا الهدي { معكوفاً } أي: محبوساً { أن يبلُغَ } أي: عن أن يبلُغَ { مَحِلَّه } قال المفسرون: "مَحِلّه" مَنْحَره، وهو حيث يَحِلُّ نَحْرُه { ولولا رجالٌ مؤمِنون ونساءٌ مؤمنات } وهم المستَضعفون بمكة { لم تَعْلَموهم } أي: لم تعرفوهم { أن تطؤُوهم } بالقتل. ومعنى الآية: لولا أن تطؤوا رجالاً مؤمنين ونساءٌ مؤمنات بالقتل، وُتوقِعوا بهم ولا تعرفونهم، { فتُصيبَكم منهم مَعَرَّةٌ } وفيها أربعة أقوال.

أحدهما: إِثم، قاله ابن زيد.

والثاني: غُرم الدِّيَة، قاله ابن إِسحاق.

والثالث: كفّارة قتل الخطأ، قاله ابن السائب.

والرابع: عيب بقتل مَنْ هو على دينكم، حكاه جماعة من المفسرين. وفي الآية محذوف، تقديره: لأدخلتُكم من عامكم هذا؛ وإنما حُلْتُ بينكم وبينهم { لِيُدْخِلَ اللهُ في رحمته } أي: في دينه { من يشاء } من أهل مكة، وهم الذين أسلموا بعد الصُّلح { لو تزيَّلوا } قال ابن عباس: لو تفرَّقوا. وقال ابن قتيبة، والزجاج: لو تميَّزوا. قال المفسرون: لو انماز المؤمنون من المشركين { لعذَّبْنا الذين كفروا } بالقتل والسَّبْي بأيديكم. وقال قوم: لو تزيَّل المؤمنون من أصلاب الكُفّار لعذَّبْنا الكفار. وقال بعضهم: قوله: "لعذَّبْنا" جواب لكلامين.

أحدهما: "لولا رجال"،

والثاني: "لو تزيَّلوا" وقوله { إِذ جَعَل } من صلة قوله { لعذَّبْنا }. والحميَّة: الأنَفَة والجَبَريَّة. قال المفسرون: وإنما أخذتهم الحمية حين أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم دخول مكة، فقالوا: يدخلون علينا [وقد قتلوا] أبناءنا وإِخواننا فتتحدَّث العربُ بذلك! واللهِ لا يكون ذلك، { فأنْزَلَ اللهُ سكينته على رسوله وعلى المؤمنين } فلم يَدخُلْهم ما دخل أولئك فيخالفوا الله في قتالهم. وقيل: الحميَّةُ ما تداخل سهيلَ بن عمرو من الأنَفَة أن يكتُب في كتاب الصُّلح ذِكْر "الرحمن الرحيم" وذِكْر "رسول الله" صلى الله عليه وسلم.

قوله تعالى: { وألزَمَهم كَلِمةَ التَّقوى } فيه خمسة أقوال.

أحدهما: "لا اله إلا الله"، قاله ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وقتادة، والضحاك، والسدي، وابن زيد في آخرين، وقد روي مرفوعاً إِلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فعلى هذا يكون معنى: "ألزَمَهم": حَكَمَ لهم بها، وهي التي تَنفي الشِّرك.

والثاني: "لا إِله إلا الله والله أكبر"، قاله ابن عمر. وعن علي بن أبي طالب كالقولين.

والثالث: "لا إِله إِلا الله وحده لا شريك له له المُلك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"، قاله عطاء بن أبي رباح.

والرابع: "لا ِإله إِلا الله محمد رسول الله"، قاله عطاء الخراساني.

والخامس: "بسم الله الرحمن الرحيم"، قاله الزهري.

فعلى هذا يكون المعنى: أنه لمّا أبى المشركون أن يكتُبوا هذا في كتاب الصُّلح، ألزمه اللهُ المؤمنين. { وكانوا أحقَّ بها } من المشركين { و } كانوا { أهلَها } في عِلْم الله تعالى.