خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ ٱلْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهَا وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ
١٠١
-المائدة

زاد المسير في علم التفسير

قوله تعالى: { لا تسألوا عن أشياء إِن تُبد لكم تسؤكم } في سبب نزولها ستة أقوال.

أحدها: أن الناس سألوا النبي صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه بالمسألة، فقام مغضباً خطيباً، فقال: "سلوني فوالله لا تسألوني عن شيء ما دمت في مقامي هذا إلا بينته لكم" فقام رجل من قريش، يقال له: عبد الله بن حُذافة كان إِذا لاحى يُدعى إِلى غير أبيه، فقال: يا نبي الله مَن أبي؟ قال أبوك حُذافة، فقام آخر، فقال: أين أبي؟ قال. في النار، فقام عمر فقال: رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً، وبالقرآن إِماماً، إِنَّا حديثو عهدٍ بجاهلية. والله أعلم مَن أباؤنا، فسكن غضبه، ونزلت هذه الآية، رواه أبو صالح عن أبي هريرة، وقتادة عن أنس.

والثاني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس، فقال: "إِن الله كتب عليكم الحج فقام عكاشة بن مُحصن، فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ فقال: أما إِني لو قلت نعم لوجبت، ولو وجبت ثم تركتم لضللتم، اسكتوا عني ما سكتُّ عنكم، فإنما هلكَ من هلك ممن كان قبلكم بكثرة سؤالِهم، واختلافهم على أنبيائهم، فنزلت هذه الآية" رواه محمد بن زياد عن أبي هريرة. وقيل: إِن السائل عن ذلك الأقرع بن حابس.

والثالث: أن قوماً كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزاء، فيقول الرجل: مَن أبي؟ ويقول الرجل تضل ناقته: أين ناقتي؟ فنزلت هذه الآية، رواه أبو الجورية عن ابن عباس.

والرابع: أن قوماً سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم عن البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام، فنزلت هذه الآية، رواه مجاهد عن ابن عباس، وبه قال ابن جبير.

والخامس: أن قوماً كانوا يسألون الآيات والمعجزات، فنزلت هذه الآية، روي هذا المعنى عن عكرمة.

والسادس: أنها نزلت في تمنيهم الفرائض، وقولهم: وددنا أن الله تعالى أذِنَ لنا في قتال المشركين، وسؤالهم عن أحبِّ الأعمال إِلى الله، ذكره أبو سليمان الدمشقي. قال الزجاج: «أشياء» في موضع خفض إِلا أنها فتحت، لأنها لا تنصرف. و«تبد لكم»: تظهر لكم. فأعلم الله تعالى أن السؤال عن مثل هذا الجنس لا ينبغي أن يقع، لأنه يسوء الجواب عنه. وقال ابن عباس: إِن تبد لكم، أي: إِن نزل القرآن فيها بغليظ، ساءكم ذلك.

قوله تعالى: { وإِن تسألوا عنها حين ينزل القرآن } أي: حين ينزل القرآن فيها بفرض أو إِيجاب، أو نهي أو حكم، وليس في ظاهر ما نزل دليل على شرح ما بكم إِليه حاجة، فإذا سألتم حينئذ عنها تبد لكم. وفي قوله: { عفا الله عنها } قولان.

أحدهما: أنه إِشارة إِلى الأشياء.

والثاني: إِلى المسألة. فعلى القول الأول في الآية تقديم وتأخير. والمعنى: لا تسألوا عن أشياء إِن تبد لكم تسؤكم، عفا الله عنها. ويكون معنى: عفا الله عنها: أمسك عن ذكرها، فلم يوجب فيها حكماً. وعلى القول الثاني، الآية على نظمها، ومعنى: عفا الله عنها: لم يؤاخذ بها.