قوله تعالى: { قل لا أجد فيما أُوحيَ إلي محرماً على طاعم يطعمه } نبْههم بهذا على أن التحريم والتحليل، إنما يثبت بالوحي. وقال طاووس، ومجاهد: معنى الآية: لا أجد محرماً مما كنتم تستحلون في الجاهلية إلا هذا. والمراد بالطاعم: الآكل. { إلا أن يكون ميتة } أي: إلا أن يكون المأكول ميتة. قرأ ابن كثير، وحمزة: «إلا أن يكون» بالياء، «ميتة» نصبا وقرأ ابن عامر: «إلا أن تكون» بالتاء، «ميتةٌ» بالرفع، على معنى: إلا أن تقع ميتةٌ، أو تحدث ميتةٌ. { أو دماً مسفوحاً } قال قتادة: إنما حُرِّمَ المسفوحُ، فأما اللحم إذا خالطه دم، فلا بأس به. قال الزجاج: المسفوح: المصبوب. وكانوا إذا ذَكَّوا يأكلون الدم كما يأكلون اللحم. والرجس: اسم لما يُستقذَر، وللعذاب. { أو فسقاً } المعنى: أو أن يكون المأكول فسقا. { أُهل لغير الله به } أي: رُفع الصوت على ذبحه باسم غير الله، فسمي ما ذُكر عليه غير اسم الله فسقاً؛ والفسق: الخروج من الدين.
فصل
اختلف علماء الناسخ والمنسوخ في هذه الآية على قولين.
أحدهما: أنها محكمة. ولأرباب هذا القول في سبب إحكامها ثلاثة أقوال. أحدها: أنها خبر، والخبر لا يدخله النسخ. والثاني: أنها جاءت جواباً عن سؤال سألوه؛ فكان الجواب بقدر السؤال، ثم حُرِّم بعد ذلك ما حُرِّم. والثالث: أنه ليس في الحيوان محرم إلا ما ذُكر فيها.
والقول الثاني: أنها منسوخة بما ذكر في (المائدة) من المنخنقة والموقوذة، وفي السُنَّةِ من تحريم الحمر الأهلية، وكل ذي ناب من السباع، ومخلب من الطير. وقيل: إن آية (المائدة) داخلة في هذه الآية، لأن تلك الأشياء كلها ميتة.