قوله تعالى: { قل أندعوا من دون الله } أي: أنعبد مالا يضرنا إن لم نعبده، ولا ينفعنا إن عبدناه، وهي الأصنام. { ونُردُّ على أعقابنا } أي: نرجع إلى الكفر { بعد إذ هدانا الله } إلى الإسلام، فنكون { كالذي استهوته الشياطين }. وقرأ حمزة: «استهواه الشياطين» على قياس قراءته: { توفاه رُسْلُنا } وفي معنى «استهوائها» قولان.
أحدهما: أنها هوت به وذهبت، قاله ابن قتيبة. وقال أبو عبيدة: تُشبَّه له الشياطين فيتبعها، حتى تهوي به في الأرض، فتضلّه.
والثاني: زيَّنت له هواه، قاله الزجاج. قال و{ حيران }: منصوب على الحال، أي: استهوته في حال حيرته. قال السدي: قال المشركون للمسلمين: اتَّبِعوا سبيلنا واتركوا دين محمد، فقال تعالى: { قل أندعوا من دون الله مالا ينفعنا ولا يضرنا ونردُّ على أعقابنا بعد إذ هدانا الله } فنكون كرجل كان مع قوم على طريق، فضلّ، فحيرته الشياطين، وأصحابه على الطريق يدعونه: يا فلان هلم إلينا، فانا على الطريق، فيأبى. وقال ابن عباس: نزلت هذه الآية في عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق، دعاه أبوه وأُمه إلى الإسلام فأبى. قال مقاتل: والمراد بأصحابه: أبواه.
قوله تعالى: { قل إن هدى الله هو الهدى } هذا رد على من دعا إلى عبادة الأصنام، وزجرٌ عن إجابته كأنه قيل له: لا تفعل ذلك، لأن هدى الله هو الهدى، لا هدى غيره.
قوله تعالى: { وأُمرنا لنسلم } قال الزجاج: العرب تقول: أمرتك أن تفعل، وأمرتك لتفعل، وأمرتك بأن تفعل. فمن قال: «بأن» فالباء للالصاق. والمعنى: وقع الأمر بهذا الفعل، ومن قال: «أن تفعل» فعلى خذف الباء؛ ومن قال: «لتفعل» فقد أخبر بالعلة التي لها وقع الامر. قال وفي قوله: { وأن أقيموا الصلاة } وجهان.
أحدهما: أُمرنا لأن نسلم، ولأن نقيم الصلاة.
والثاني: أن يكون محمولاً على المعنى، لأن المعنى: أُمرنا بالإسلام، وباقامة الصلاة.