خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَآ أَنزَلَ هَـٰؤُلاۤءِ إِلاَّ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يٰفِرْعَونُ مَثْبُوراً
١٠٢
فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم مِّنَ ٱلأَرْضِ فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعاً
١٠٣
وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ ٱسْكُنُواْ ٱلأَرْضَ فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ ٱلآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً
١٠٤
وَبِٱلْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِٱلْحَقِّ نَزَلَ وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً
١٠٥
-الإسراء

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ قَالَ } أي موسى { لَقَدْ عَلِمْتَ } يا فرعون { مَآ أَنزَلَ هَــؤُلاءِ } الآيات { إِلاَّ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ } خالقهما { بَصَآئِرَ } حال أي بينات مكشوفات إلا أنك معاند ونحوه { { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً } [النمل: 14] { علمت } بالضم: عليّ أي إني لست بمسحور كما وصفتني بل أنا عالم بصحة الأمر، وأن هذه الآيات منزلها رب السماوات والأرض. ثم قارع ظنه بظنه بقوله: { وَإِنِّي لأظُنُّكَ يَافرِعَوْنُ مَثْبُوراً } كأنه قال: إن ظننتني مسحوراً فأنَا أظنك مثبوراً هالكاً وظني أصح من ظنك لأن له أمارة ظاهرة وهي إنكارك ما عرفت صحته ومكابرتك لآيات الله بعد وضوحها، وأما ظنك فكذب بحت، لأن قولك مع علمك بصحة أمري { إني لأظنك مسحوراً } قول كذب. وقال الفراء: مثبوراً مصروفاً عن الخير من قولهم «ما ثبرك عن هذا» أي ما منعك وصرفك؟ { فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُم } يخرجهم أي موسى وقومه { مِّنَ الأرْضِ } أي أرض مصر أو ينفيهم عن ظهر الأرض بالقتل والاستئصال { فَأَغْرَقْنَاهُ وَمَن مَّعَهُ جَمِيعاً } فحاق به مكره بأن استفزه الله بإغراقه مع قبطه { وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ } من بعد فرعون { لِبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأرْضَ } التي أراد فرعون أن يستفزكم منها. { فَإِذَا جَآءَ وَعْدُ الآخرَةِ } أي القيامة { جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً } جمعاً مختلطين إياكم وإياهم ثم نحكم بينكم ونميز بين سعدائكم وأشقيائكم، واللفيف الجماعات من قبائل شتى.

{ وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ } وما أنزلنا القرآن إلا بالحكمة وما نزل إلا ملتبساً بالحق والحكمة لاشتماله على الهداية إلى كل خير، أو ما أنزلناه من السماء إلا بالحق محفوظاً بالرصد من الملائكة، وما نزل على الرسول إلا محفوظاً بهم من تخليط الشياطين. قال الراوي: اشتكى محمد بن السماك فأخذنا ماءه وذهبنا به إلى طبيب نصراني، فاستقبلنا رجل حسن الوجه طيب الرائحة نقي الثوب فقال لنا: إلى أين؟ فقلنا له: إلى فلان الطبيب نريه ماء ابن السماك. فقال: سبحان الله تستعينون على ولي الله بعدو الله! اضربوه على الأرض وارجعوا إلى ابن السماك وقولوا له: ضع يدك على موضع الوجع وقل: { وبالحق أنزلناه وبالحق نزل } ثم غاب عنا فلم نره فرجعنا إلى ابن السماك فأخبرناه بذلك فوضع يده على موضع الوجع وقال ما قال الرجل وعوفي في الوقت وقال: كان ذلك الخضر عليه السلام { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً } بالجنة { وَنَذِيراً } من النار.