خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

مَّنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً
١٥
وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا ٱلْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً
١٦
وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ ٱلْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَاً بَصِيراً
١٧
مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً
١٨
-الإسراء

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } أي فلها ثواب الاهتداء وعليها وبال الضلال { وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } أي كل نفس حاملة وزراً فإنما تحمل وزرها لا وزر نفس أخرى { وَمَا وَكُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً } وما صح منا أن نعذب قوماً عذاب استئصال في الدنيا إلا بعد أن نرسل إليهم رسولاً يلزمهم الحجة { وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً } أي أهل قرية { أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا } متنعميها وجبابرتها بالطاعة عن أبي عمرو والزجاج { فَفَسَقُوا فِيهَا } أي خرجوا عن الأمر كقولك «أمرته فعصى» أو { أمرنا } كثرنا، دليله قراءة يعقوب أمرنا ومنه الحديث "خير المال سكة مأبورة ومهرة مأمورة" أي كثيرة النسل { فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ } فوجب عليها الوعيد { فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً } فأهلكناها إهلاكاً { وَكَمْ } مفعول { أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ } بيان لكم { مِن بَعْدِ نُوحٍ } يعني عاداً وثموداً وغيرهما { وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خِبِيراً } وإن أخفوها في الصدور { بَصِيراً } وإن أرخوا عليها الستور.

{ مَن كَانَ يُريدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشآءُ } لا ما يشاء { لِمَن نُّرِيدُ } بدل من { له } بإعادة الجار وهو بدل البعض من الكل إذ الضمير يرجع إلى { من } أي من كانت العاجلة همه ولم يرد غيرها ــ كالكفرة ــ تفضلنا عليه من منافعها بما نشاء لمن نريد، فقيد المعجل بمشيئته والمعجل له بإرادته وهكذا الحال، ترى كثيراً من هؤلاء يتمنون ما يتمنون ولا يعطون إلا بعضاً منه، وكثيراً منهم يتمنون ذلك البعض وقد حرموه فاجتمع عليهم فقر الدنيا وفقر الآخرة، وأما المؤمن التقي فقد اختار غنى الآخرة فإن أوتي حظاً من الدنيا فبها، وإلا فربما كان الفقر خيراً له { ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ } في الآخرة { يَصْلاهَا } يدخلها { مَذْمُوماً } ممقوتاً { مَّدْحُوراً } مطروداً من رحمة الله

.