{ قَالَ ٱذْهَبْ } ليس من الذهاب الذي هو ضد المجيء وإنما معناه امض لشأنك الذي اخترته خذلاناً وتخلية. ثم عقبه بذكر ما جره سوء اختياره فقال: { فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ } والتقدير فإن جهنم جزاؤهم وجزاؤك ثم غلب المخاطب على الغائب فقيل { جزاؤكم } وانتصب { جَزَاء مَّوفُورًا } أي موفراً بإضمار تجازون { وَٱسْتَفْزِزْ } استزل أو استخف استفزه أي استخفه والفز الخفيف. { مَنِ ٱسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ } بالوسوسة أو بالغناء أو بالمزمار { وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم } اجمع وصح بهم من الجلبة وهو الصياح { بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ } بكل راكب وماش من أهل العيث، فالخيل الخيالة، والرجل اسم جمع للراجل ونظيره الركب والصحب { ورجلك } حفص على أن فعلاً بمعنى فاعل كتعب وتاعب، ومعناه وجمعك الرِجل وهذا لأن أقصى ما يستطاع في طلب الأمور الخيل والرجل. وقيل: يجوز أن يكون لإبليس خيل ورجال { وَشَارِكْهُمْ فِى ٱلأَمْوٰلِ وَٱلأَوْلَـٰدِ } قال الزجاج: كل معصية في مال وولد فإبليس شريكهم فيها كالربا والمكاسب المحرمة والبحيرة والسائبة والإنفاق في الفسوق والإسراف ومنع الزكاة والتوصل إلى الأولاد بالسبب الحرام والتسمية بعبد العزى وعبد شمس { وَعِدْهم } المواعيد الكاذبة من شفاعة الآلهة والكرامة على الله بالأنساب الشريفة وإيثار العاجل على الآجل ونحو ذلك { وَمَا يَعِدُهُمْ ٱلشَّيْطَـٰنُ إِلاَّ غُرُوراً } هو تزيين الخطأ بما يوهم أنه صواب { أَن عِبَادِى } الصالحين { لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَـٰنٌ } يد بتبديل الإيمان ولكن بتسويل العصيان { وَكَفَىٰ بِرَبّكَ وَكِيلاً } لهم يتوكلون به في الاستعاذة منك أو حافظاً لهم عنك، والكل أمر تهديد فيعاقب به أو إهانة أي لا يخل ذلك بملكي.
{ رَّبُّكُمُ ٱلَّذِى يُزْجِى } يجري ويسير { لَكُمُ ٱلْفُلْكَ فِى ٱلْبَحْرِ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } يعني الربح في التجارة { إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا. }