خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَقُولُ ٱلإِنسَانُ أَءِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً
٦٦
أَوَلاَ يَذْكُرُ ٱلإِنسَٰنُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً
٦٧
فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَٱلشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً
٦٨
-مريم

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ وَيَقُولُ ٱلإِنْسَـٰنُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً } والعامل في { إذا } ما دل عليه الكلام وهو أبعث أي إذا مامت أبعث وانتصابه بـ { أخرج } ممتنع لأن ما بعد لام الابتداء لا يعمل فيما قبلها فلا تقول «اليوم لزيد قائم» ولام الابتداء الداخلة على المضارع تعطي معنى الحال وتؤكد مضمون الجملة، فلما جامعت حرف الاستقبال خلصت للتوكيد واضمحل معنى الحال. و«ما» في «إذا ما» للتوكيد أيضاً فكأنه قال: «أحقًّا إنا سنخرج من القبور أحياء حين يتمكن فينا الموت والهلاك» على وجه الاستنكار والاستبعاد. وتقديم الظرف وإيلاؤه حرف الإنكار من قبل أن ما بعد الموت هو وقت كون الحياة منكرة، ومنه جاء إنكارهم { أَوْ لاَ يَذْكُرُ إلإِنْسَـٰنُ } خفيف شامي ونافع وعاصم من الذكر، والسائر بتشديد الذال والكاف وأصله يتذكر كقراءة أبيّ فأدغمت التاء في الذال أي أو لا يتدبر، والواو عطفت { لا يذكر } على { يقول } ووسطت همزة الإنكار بين المعطوف عليه وحرف العطف يعني أيقول ذلك ولا يتذكر حال النشأة الأولى حتى لا ينكر النشأة الأخرى فإن تلك أدل على قدرة الخالق حيث أخرج الجواهر والأعراض من العدم إلى الوجود. وأما الثانية فليس فيها إلا تأليف الأجزاء الموجودة وردها إلى ما كَانتَ عليه مجموعة بعد التفريق { أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ } من قبل الحالة التي هو فيها وهي حالة بقائه { وَلَمْ يَكُ شَيْئاً } هو ذليل على ما بينا وعلى أن المعدوم ليس بشيء خلافاً للمعتزلة { فَوَرَبّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ } أي الكفار المنكرين للبعث { وَٱلشَّيَـٰطِينَ } الواو للعطف وبمعنى «مع» أوقع أي يحشرون مع قرنائهم من الشياطين الذين أغووهم يقرن كل كافر مع شيطان في سلسلة. وفي أقسام الله باسمه ومضافاً إلى رسوله تفخيم لشأن رسوله { ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيّاً } حال جمع جاث أي بارك على الركب ووزنه «فعول» لأن أصله «جثوو» كسجود وساجد أي يعتلون من المحشر إلى شاطىء جهنم عتلا على حالهم التي كانوا عليها في الموقف جثاة على ركبهم غير مشاة على أقدامهم

.