خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّابِئِينَ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلْمَجُوسَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ
١٧
أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ وَٱلْجِبَالُ وَٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَآبُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ ٱلنَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ ٱلْعَذَابُ وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ إِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ
١٨
هَـٰذَانِ خَصْمَانِ ٱخْتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمْ فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ ٱلْحَمِيمُ
١٩
-الحج

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلصَّـٰبِئِينَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ وَٱلْمَجُوسَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ } قيل: الأديان خمسة: أربعة للشيطان وواحد للرحمن، والصابئون نوع من النصارى فلا تكون ستة { إِنَّ ٱللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ } في الأحوال والأماكن فلا يجازيهم جزاء واحداً ولا يجمعهم في موطن واحد. وخبر { إن الذين آمنوا } { إن الله يفصل بينهم } كما تقول «إن زيداً إن أباه قائم» { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء شَهِيدٌ } عالم به حافظ له فلينظر كل امرىء معتقده، وقوله وفعله وهو أبلغ وعيد

{ أَلَم تَرَ } ألم تعلم يا محمد علماً يقوم مقام العيان { أَنَّ ٱللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَمَن فِى ٱلأَرْضِ وَٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ وَٱلنُّجُومُ وَٱلْجِبَالُ وَٱلشَّجَرُ وَٱلدَّوَابُّ } قيل: إن الكل يسجد له ولكنا لا نقف عليه كما لا نقف على تسبيحها قال الله تعالى: { وَإِن مّن شَىْء إِلاَّ يُسَبّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } [الإسراء: 44] وقيل: سمي مطاوعة غير المكلف له فيما يحدث فيه من أفعاله وتسخيره له سجوداً له تشبيهاً لمطاوعته بسجود المكلف الذي كل خضوع دونه { وَكَثِيرٌ مّنَ ٱلنَّاسِ } أي ويسجد له كثير من الناس سجود طاعة وعبادة، أو هو مرفوع على الابتداء { ومن الناس } صفة له والخبر محذوف وهو مثاب ويدل عليه قوله { وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ ٱلْعَذَابُ } أي وكثير منهم حق عليه العذاب بكفره وإبائه السجود { وَمَن يُهِنِ ٱللَّهُ } بالشقاوة { فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ } بالسعادة { إِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء } من الإكرام والإهانة وغير ذلك، وظاهر هذه الآية والتي قبلها ينقض على المعتزلة قولهم لأنهم يقولون شاء أشياء ولم يفعل وهو يقول يفعل ما يشاء.

{ هَـٰذَانِ خَصْمَانِ } أي فريقان مختصمان؛ فالخصم صفة وصف بها الفريق وقوله { ٱخْتَصَمُواْ } للمعنى و{ هذان } للفظ والمراد المؤمنون والكافرون. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: رجع إلى أهل الأديان المذكورة: فالمؤمنون خصم وسائر الخمسة خصم { فِى رَبّهِمْ } في دينه وصفاته، ثم بين جزاء كل خصم بقوله { فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } وهو فصل الخصومة المعنى بقوله { إن الله يفصل بينهم يوم القيامة } { قُطّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مّن نَّارِ } كأن الله يقدر لهم نيراناً على مقادير جثتهم تشتمل عليهم كما تقطع الثياب الملبوسة، واختير لفظ الماضي لأنه كائن لا محالة فهو كالثابت المتحقق { يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُؤُوسَهُمْ } بكسر الهاء والميم، بصري، وبضمهما: حمزة وعلي وخلف، وبكسر الهاء وضم الميم: غيرهم { ٱلْحَمِيمُ } الماء الحار. عن ابن عباس رضي الله عنهما: لو سقطت منه نقطة على جبال الدنيا لأذابتها.