{ وَإِن جَـٰدَلُوكَ } مراء وتعنتاً كما يفعله السفهاء بعد اجتهادك أن لا يكون بينك وبينهم تنازع وجدال { فَقُلِ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ } أي فلا تجادلهم وادفعهم بهذا القول، والمعنى أن الله أعلم بأعمالكم وما تستحقون عليها من الجزاء فهو مجازيكم به، وهذا وعيد وإنذار ولكن برفق ولين وتأديب يجاب به كل متعنت { ٱللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } هذا خطاب من الله للمؤمنين والكافرين أي يفصل بينكم بالثواب والعقاب، ومسلاة لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما كان يلقى منهم.
{ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَاء وَٱلأَرْضِ } أي كيف يخفى عليه ما تعملون ومعلوم عند العلماء بالله أنه يعلم كل ما يحدث في السماوات والأرض { إِنَّ ذٰلِكَ } الموجود فيهما { فِى كِتَـٰبِ } في اللوح المحفوظ { إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } أي علمه بجميع ذلك عليه يسير. ثم أشار إلى جهالة الكفار لعبادتهم غير المستحق لها بقوله { وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ } { ينْزل } مكي وبصري { سُلْطَـٰناً } حجة وبرهاناً { وَمَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ } أي لم يتمسكوا في عبادتهم لها ببرهان سماوي من جهة الوحي ولا حملهم عليها دليل عقلي { وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٍ } وما للذين ارتكبوا مثل هذا الظلم من أحد ينصرهم ويصوب مذهبهم { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتُنَا بَيّنَاتٍ } يعني القرآن { تَعْرِفُ فِى وُجُوهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلْمُنْكَرَ } الإنكار بالعبوس والكراهة والمنكر مصدر { يَكَـٰدُونَ يَسْطُونَ } يبطشون والسطو الوثب والبطش { بِٱلَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ ءايَـٰتُنَا } هم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه { قُلْ أَفَأُنَبّئُكُم بِشَرّ مّن ذٰلِكُمُ } من غيظكم على التالين وسطوكم عليهم أو مما أصابكم من الكراهة والضجر بسبب ما تلي عليكم { ٱلنَّارِ } خبر مبتدأ محذوف كأن قائلاً قال: ما هو؟ فقيل: النار أي هو النار { وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } استئناف كلام { وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } النار.
ولما كانت دعواهم بأن لله تعالى شريكاً جارية في الغرابة والشهرة مجرى الأمثال المسيرة قال الله تعالى: