{ ٱللَّهُ يَصْطَفِى } يختار { مِنَ ٱلْمَلَـٰئِكَةِ رُسُلاً } كجبريل وميكائيل وإسرافيل وغيرهم { وَمِنَ ٱلنَّاسِ } رسلاً كإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وغيرهم عليهم السلام. وهذا رد لما أنكروه من أن يكون الرسول من البشر، وبيان أن رسل الله على ضربين ملك وبشر. وقيل: نزلت حين قالوا
{ أأنزل عَلَيْهِ ٱلذّكْرُ مِن بَيْنِنَا } [القمر: 25] { إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ } لقولهم { بَصِيرٌ } بمن يختاره لرسالته، أو سميع لأقوال الرسل فيما تقبله العقول بصير بأحوال الأمم في الرد والقبول { يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ } ما مضى { وَمَا خَلْفَهُمْ } ما لم يأت أو ما عملوه وما سيعملوه أو أمر الدنيا وأمر الآخرة { وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأَمُورُ } أي إليه مرجع الأمور كلها، والذي هو بهذه الصفات لا يسئل عما يفعل وليس لأحد أن يعترض عليه في حكمه وتدابيره واختيار رسله { ترجع } شامي وحمزة وعلي. { يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱرْكَعُواْ وَٱسْجُدُواْ } في صلاتكم، وكان أول ما أسلموا يصلون بلا ركوع وسجود فأمروا أن تكون صلاتهم بركوع وسجود، وفيه دليل على أن الأعمال ليست من الإيمان وأن هذه السجدة للصلاة لا للتلاوة { وَاعْبُدُواْ رَبَّكُمْ } واقصدوا بركوعكم وسجودكم وجه الله لا الصنم { وَٱفْعَلُواْ ٱلْخَيْرَ } قيل: لما كان للذكر مزية على غيره من الطاعات دعا المؤمنين أولاً إلى الصلاة التي هي ذكر خالص لقوله تعالى
{ وأقم الصلاة لذكري } [طه:14] ثم إلى العبادة بغير الصلاة كالصوم والحج وغيرهما، ثم عم بالحث على سائر الخيرات. وقيل: أريد به صلة الأرحام ومكارم الأخلاق { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } أي كي تفوزوا أو افعلوا هذا كله وأنتم راجون للفلاح غير مستيقنين ولا تتكلوا على أعمالكم.