خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَٱسْتَكْبَرُواْ وَكَانُواْ قَوْماً عَالِينَ
٤٦
فَقَالُوۤاْ أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ
٤٧
فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُواْ مِنَ ٱلْمُهْلَكِينَ
٤٨
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ ٱلْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ
٤٩
وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَآ إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ
٥٠
يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ
٥١
-المؤمنون

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلاَئِه فَٱسْتَكْبَرُواْ } امتنعوا عن قبول الإيمان ترفعاً وتكبراً { وَكَانُواْ قَوْماً عَـٰلِينَ } متكبرين مترفعين { فَقَالُواْ أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا } البشر يكون واحداً وجمعاً ومثل وغير يوصف بهما الاثنان والجمع والمذكر والمؤنث { وَقَوْمُهُمَا } أي بنو إسرائيل { لَنَا عَـٰبِدُونَ } خاضعون مطيعون وكل من دان لملك فهو عابد له عند العرب { فَكَذَّبُوهُمَا فَكَانُواْ مِنَ ٱلْمُهْلَكِينَ } بالغرق.

{ وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَىٰ } أي قوم موسى { ٱلْكِتَـٰبِ } التوراة { لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } يعملون بشرائعها ومواعظها { وَجَعَلْنَا ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ ءايَةً } تدل على قدرتنا على ما نشاء لأنه خلق من غير نطفة واحدة، لأن الأعجوبة فيهما واحدة، أو المراد وجعلنا ابن مريم آية وأمه آية فحذفت الأولى لدلالة الثانية عليها { وَءاوَيْنَـٰهُمَا } جعلنا مأواهما أي منزلهما { إِلَىٰ رَبْوَةٍ } شامي وعاصم. { رُبوة } غيرهما أي أرض مرتفعة وهي بيت المقدس أو دمشق أو الرملة أو مصر { ذَاتِ قَرَارٍ } مستقر من أرض مستوية منبسطة أو ذات ثمار وماء يعني أنه لأجل الثمار يستقر فيها ساكنوها { وَمَعِينٍ } وماء ظاهر جارٍ على وجه الأرض وهو مفعول أي مدرك بالعين بظهوره من عانه إذا أدركه بعينه، أو فعيل لأنه نفاع بظهوره وجريه من الماعون وهي المنفعة { يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيّبَـٰتِ } هذا النداء والخطاب ليسا على ظاهرهما لأنهم أرسلوا متفرقين في أزمنة مختلفة، وإنما المعنى الإعلام بأن كل رسول في زمانه نودي بذلك ووصى به ليعتقد السامع أن أمراً نودي له جميع الرسل ووصوا به حقيق أن يؤخذ به ويعمل عليه، أو هو خطاب لمحمد عليه الصلاة والسلام لفضله وقيامه مقام الكل في زمانه وكان يأكل من الغنائم، أو لعيسى عليه السلام لاتصال الآية بذكره وكان يأكل من غزل أمه وهو أطيب الطيبات، والمراد بالطيبات ما حل والأمر للتكليف أو ما يستطاب ويستلذ والأمر للترفيه والإباحة { وَٱعْمَلُواْ صَـٰلِحاً } موافقاً للشريعة { إِنّى بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } فأجازيكم على أعمالكم.