خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَفِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَمِ ٱرْتَابُوۤاْ أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ
٥٠
إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
٥١
وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ ٱللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَآئِزُون
٥٢
وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُل لاَّ تُقْسِمُواْ طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
٥٣
-النور

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ أَفِى قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ أَمِ ٱرْتَابُواْ أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ } قسم الأمر في صدودهم عن حكومته إذا كان الحق عليهم بأن يكونوا مرضى القلوب منافقين أو مرتابين في أمر نبوته أو خائفين الحيف في قضائه. ثم أبطل خوفهم حيفه بقوله { بَلْ أُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ } أي لا يخافون أن يحيف عليهم لمعرفتهم بحاله وإنما هم ظالمون يريدون أن يظلموا من له الحق عليهم، وذلك شيء لا يستطيعونه في مجلس رسول الله عليه الصلاة والسلام فمن ثم يأبون المحاكمة إليه.

{ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } وعن الحسن { قول } بالرفع، والنصب أقوى لأن أولى الاسمين بكونه اسماً لكان أوغلهما في التعريف وأن يقولوا أوغل بخلاف { قول المؤمنين } { إِذَا دُعُواْ إِلَى ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ } النبي عليه الصلاة والسلام ليحكم أي ليفعل الحكم { بَيْنَهُمْ } بحكم الله الذي أنزل عليه { أَن يَقُولُواْ سَمِعْنَا } قوله { وَأَطَعْنَا } أمره { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } الفائزون { وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ } في فرائضه { وَرَسُولُهُ } في سننه { وَيَخْشَ ٱللَّهَ } على ما مضى من نوبه { وَيَتَّقْهِ } فيما يستقبل { فَأُوْلَـئِكَ هُمُ ٱلْفَائِزُون } وعن بعض الملوك أنه سأل عن آية كافية فتليت له هذه الآية. وهي جامعة لأسباب الفوز { ويتقه } بسكون الهاء: أبو عمرو وأبو بكر بنية الوقف، وبسكون القاف وبكسر الهاء مختلسة: حفص، وبكسر القاف والهاء، غيرهم.

{ وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَـٰنِهِمْ } أي حلف المنافقون بالله جهد اليمين لأنهم بذلوا فيها مجهودهم. وجهد يمينه مستعار من جهد نفسه إذا بلغ أقصى وسعها وذلك إذا بالغٍ في اليمين وبلغ غاية شدتها ووكادتها. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: من قال بالله فقد جهد يمينه. وأصل أقسم جهد اليمين أقسم بجهد اليمين جهداً فحذف الفعل وقدم المصدر فوضع موضعه مضافاً إلى المفعول كقوله { { فضرب الرقاب } [محمد: 4] وحكم هذا المنصوب حكم الحال كأنه قال جاهدين أيمانهم { لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ } أي لئن أمرنا محمد بالخروج إلى الغزو لغزونا أو بالخروج من ديارنا لخرجنا { قُل لاَّ تُقْسِمُواْ } لا تحلفوا كاذبين لأنه معصية { طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ } أمثل وأولى بكم من هذه الأيمان الكاذبة، مبتدأ محذوف الخبر أو خبر مبتدأ محذوف أي الذي يطلب منكم طاعة معروفة معلومة لا يشك فيها ولا يرتاب كطاعة الخلص من المؤمنين لا أيمان تقسمون بها بأفواهكم وقلوبكم على خلافها { إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } يعلم ما في ضمائركم ولا يخفى عليه شيء من سرائركم وإنه فاضحكم لا محالة ومجازيكم على نفاقكم