خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي ٱلأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً
٢٠
وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا لَوْلاَ أُنْزِلَ عَلَيْنَا ٱلْمَلاَئِكَةُ أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا لَقَدِ ٱسْتَكْبَرُواْ فِيۤ أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوّاً كَبِيراً
٢١
-الفرقان

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِى ٱلأَسْوَاقِ } كسرت «إن» لأجل اللام في الخبر والجملة بعد «إلا» صفة لموصوف محذوف، والمعنى وما أرسلنا قبلك أحداً من المرسلين إلا آكلين وماشين، وإنما حذف اكتفاء بالجار والمجرور أي من المرسلين ونحوه { { وَمَا مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } [الصافات: 164] أَيُّ وَمَا مِنَّا أَحَدٌ. قِيلَ: هو احتجاج على من قال { ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق } وتسلية للنبي عليه الصلاة والسلام { وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً } أي محنة وابتلاء، وهذا تصبير لرسول الله صلى الله عليه وسلم عما عيروه به من الفقر ومشيه في الأسواق يعني أنه جعل الأغنياء فتنة للفقراء فيغني من يشاء ويفقر من يشاء { أَتَصْبِرُونَ } على هذه الفتنة فتؤجروا أم لا تصبروا فيزداد غمكم. وحكي أن بعض الصالحين تبرم بضنك عيشه فخرج ضجراً فرأى خصياً في مواكب ومراكب فخطر بباله شيء فإذا بمن يقرأ هذه الآية فقال: بلى فصبراً ربنا. أو جعلتك فتنة لهم لأنك لو كنت غنياً صاحب كنوز وجنان لكانت طاعتهم لك للدنيا أو ممزوجة بالدنيا فإنما بعثناك فقيراً لتكون طاعة من يطيعك خالصة لنا { وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً } عالماً بالصواب فيما يبتلي به أو بمن يصبر ويجزع.

{ وَقَالَ ٱلَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ } لا يأملون { لِقَاءنَا } بالخير لأنهم كفرة لا يؤمنون بالبعث أو لا يخافون عقابنا إما لأن الراجي قلق فيما يرجوه كالخائف، أو لأن الرجاء في لغة تهامة الخوف { لَوْلاَ } هلا { أُنزِلَ عَلَيْنَا ٱلْمَلَـئِكَةُ } رسلاً دون البشر أو شهوداً على نبوته ودعوى رسالته { أَوْ نَرَىٰ رَبَّنَا } جهرة فيخبرنا برسالته واتباعه { لَقَدِ ٱسْتَكْبَرُواْ فِى أَنفُسِهِمْ } أي أضمروا الاستكبار عن الحق وهو الكفر والعناد في قلوبهم { وَعَتَوْ } وتجاوزوا الحد في الظلم { عُتُوّاً كَبِيراً } وصف العتو بالكبر فبالغ في إفراطه أي أنهم لم يجسروا على هذا القول العظيم إلا أنهم بلغوا غاية الاستكبار وأقصى العتو. واللام في { لقد } جواب قسم محذوف