{فَلَمَّا جَاء ٱلسَّحَرَةُ قَالُواْ لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنَا لأَجْراً إِن كُنَّا نَحْنُ ٱلْغَـٰلِبِينَ قَالَ نَعَمْ } وبكسر العين: علي، وهما لغتان {وَإِنَّكُمْ إِذاً لَّمِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } أي قال فرعون نعم لكم أجر عندي وتكونون مع ذلك من المقربين عندي في المرتبة والجاه فتكونون أول من يدخل علي وآخر من يخرج. ولما كان قولهم: {أئن لنا لأجراً} في معنى جزاء الشرط لدلالته عليه وكان قوله: {وإنكم إذا لمن المقربين} معطوفاً عليه دخلت {إذا} قارة في مكانها الذي تقضيه من الجواب والجزاء {قَالَ لَهُمْ مُّوسَىٰ أَلْقُواْ مَا أَنتُمْ مُّلْقُونَ } من السحر فسوف ترون عاقبته {فَأَلْقَوْاْ حِبَـٰلَهُمْ } سبعين ألف حبل {وَعِصِيَّهُمْ } سبعين ألف عصا. وقيل: كانت الحبال اثنين وسبعين ألفاً وكذا العصي {وَقَالُواْ بِعِزَّةِ فِرْعَونَ إِنَّا لَنَحْنُ ٱلْغَـٰلِبُونَ } أقسموا بعزته وقوته وهو من أيمان الجاهلية {فَأَلْقَىٰ مُوسَىٰ عَصَـٰهُ فَإِذَا هِىَ تَلْقَفُ } تبتلع {مَا يَأْفِكُونَ } ما يقلبونه عن وجهه وحقيقته بسحرهم ويزوّرونه ويخيلون في حبالهم وعصيهم أنها حياة تسعى {فَأُلْقِىَ ٱلسَّحَرَةُ سَـٰجِدِينَ } عبر عن الخرور بالإلقاء بطريق المشاكلة لأنه ذكر مع الإلقاءات ولأنهم لسرعة ما سجدوا صاروا كأنهم ألقوا {قَالُواْ ءامَنَّا بِرَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } عن عكرمة رضي الله عنه: أصبحوا سحرة وأمسوا شهداء
{رَبّ مُوسَىٰ وَهَـٰرُونَ } عطف بيان لـــــ {رب العالمين} لأن فرعون كان يدعي الربوبية فأرادوا أن يعزلوه. وقيل؛ إن فرعون لما سمع منهم {آمنا برب العالمين} قال: إياي عنيتم؟ قالوا: {رب موسى وهارون}.
{قَالَ ءامَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءاذَنَ لَكُمْ } بذلك {إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِى عَلَّمَكُمُ ٱلسّحْرَ } وقد تواطأتم على أمر ومكر {فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } وبال ما فعلتم. ثم صرح فقال {لأقَطّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مّنْ خِلاَفٍ } من أجل خلاف ظهر منكم {وَلأصَلّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ } كأنه أراد به ترهيب العامة لئلا يتبعوهم في الإيمان