خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ
٢٢
إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ
٢٣
-النمل

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ غير بعيدٍ } أي مكثاً غير طويل أو غير زمان بعيد كقوله «عن قريب» ووصف مكثه بقصر المدة للدلالة على إسراعه خوفاً من سليمان. فلما رجع سأله عما لقي في غيبته { فقال أحطت } علماً شيئاً من جميع جهاته { بما لم تحط به } ألهم الله الهدهد فكافح سليمان بهذا الكلام مع ما أوتي من فضل النبوة والعلوم الجمة ابتلاء له في علمه، وفيه دليل بطلان قول الرافضة أن الإمام لا يخفى عليه شيء ولا يكون في زمانه أحد أعلم منه { وجئتك من سبإٍ } غير منصرف. أبو عمرو جعله اسماً للقبيلة أو المدينة وغيره بالتنوين جعله اسماً للحي أو الأب الأكبر { بنبإٍ يقينٍ } النبأ الخبر الذي له شأن، وقوله من { سبأ بنبإٍ } من محاسن الكلام ويسمى البديع وقد حسن وبدع لفظاً ومعنى هاهنا ألا ترى أنه لو وضع مكان { بنبإ } بخبر لكان المعنى صحيحاً وهو كما جاء أصح لما في النبإ من الزيادة التي يطابقها وصف الحال.

{ إنّي وجدتّ امرأةً } هي بلقيس بنت شراحيل وكان أبوها ملك أرض اليمن ولم يكن له ولد غيرها فغلبت على الملك وكانت هي وقومها مجوساً يعبدون الشمس. والضمير في { تملكهم } راجع إلى سبأ على تأويل القوم أو أهل المدينة { وأوتيت } حال، و«قد» مقدرة { من كلّ شيءٍ } من أسباب الدنيا ما يليق بحالها { ولها عرشٌ } سرير عظيم { عظيمٌ } كبير. قيل: كان ثمانين ذراعاً في ثمانين ذراعاً وطوله في الهواء ثمانون ذراعاً، وكان من ذهب وفضة وكان مرصعاً بأنواع الجواهر وقوائمه من يا قوت أحمر وأخضر ودر وزمرد، وعليه سبعة أبواب على كل بيت باب مغلق. واستصغر حالها إلى حال سليمان فاستعظم عرضها لذلك، وقد أخفى الله تعالى على سليمان ذلك لمصلحة رآها كما أخفى مكان يوسف على يعقوب عليهما السلام