خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَفْتُونِي فِيۤ أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْراً حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ
٣٢
قَالُواْ نَحْنُ أُوْلُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَٱلأَمْرُ إِلَيْكِ فَٱنظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ
٣٣
قَالَتْ إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً وَكَذٰلِكَ يَفْعَلُونَ
٣٤
-النمل

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ قالت يا أيّها المللأ أفتوني في أمري } أشيروا علي في الأمر الذي نزل بي. والفتوى الجواب في الحادثة اشتقت على طريق الاستعارة من الفتاء في السن، والمراد هنا بالفتوى الإشارة عليها بما عندهم من الرأي، وقصدها بالرجوع إلى استشارتهم تطييب أنفسهم ليمالئوها ويقوموا معها { ما كنت قاطعةً أمراً } فاصلة أو ممضية حكماً { حتّى تشهدون } بكسر النون، والفتح لحن لأن النون إنما تفتح في موضع الرفع وهذا في موضع النصب، وأصله تشهدونني فحذفت النون الأولى للنصب والياء لدلالة الكسرة عليها. وبالياء في الوصل والوقف: يعقوب أي تحضروني وتشيروني وتشهدوا أنه صواب أي لا أبت الأمر إلا بمحضركم. وقيل: كان أهل مشورتها ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً كل واحد على عشرة الاف.

{ قالوا } مجيبين لها { نحن أولوا قوّةٍ وأولوا بأسٍ شديدٍ } أرادوا بالقوة قوة الأجساد والآلات وبالبأس النجدة والبلاء في الحرب { والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين } أي موكول إليك ونحن مطيعون لك فمرينا بأمرك نطعك ولا نخالفك كأنهم أشاروا عليها بالقتال، أو أرادوا نحن من أبناء الحرب لا من أبناء الرأي والمشورة وأنت ذات الرأي والتدبير فانظري ماذا ترين نتبع رأيك. فلما أحست منهم الميل إلى المحاربة مالت إلى المصالحة ورتبت الجواب فزيفت أولاً ما ذكروه وأرتهم الخطأ فيه حيث { قالت إنّ الملوك إذا دخلوا قريةً } عنوة وقهراً { أفسدوها } خربوها { وجعلوا أعزّة أهلها أذلّةً } أذلوا أعزتها وأهانوا أشرافها وقتلوا وأسروا فذكرت لهم سوء عاقبة الحرب ثم قالت { وكذلك يفعلون } أرادت وهذه عادتهم المستمرة التي لا تتغير لأنها كانت في بيت الملك القديم فسمعت نحو ذلك ورأت. ثم ذكرت بعد ذلك حديث الهدية وما رأت من الرأي السديد. وقيل: هو تصديق من الله لقولها، واحتج الساعي في الأرض بالفساد بهذه الآية. ومن استباح حراماً فقد كفر، وإذا احتج له بالقرآن على وجه التحريف فقد جمع بين كفرين