خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

بَلِ ٱدَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ
٦٦
-النمل

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ بَلِ ٱدّرَكَ } { أدرك } مكي وبصري ويزيد والمفضل أي انتهى وتكامل من أدركت الفاكهة تكاملت نضجاً { بَلِ ٱدارَكَ } عن الأعشى افتعل. { بَلِ ادّارك } غيرهم استحكم وأصله تدارك فأدغمت التاء في الدال وزيد ألف الوصل ليمكن التكلم بها { عِلْمُهُمْ فِى ٱلآخِرَةِ } أي في شأن الآخرة ومعناها، والمعنى أن أسباب استحكام العلم وتكامله بأن القيامة كائنة قد حصلت لهم ومكنوا من معرفته وهم شاكون جاهلون وذلك قوله { بَلْ هُمْ فِى شَكّ مّنْهَا بَلْ هُم مّنْهَا عَمُونَ } والإضرابات الثلاث تنزيل لأحوالهم وتكرير لجهلهم، وصفهم أولاً بأنهم لا يشعرون وقت البعث، ثم بأنهم لا يعلمون أن القيامة كائنة، ثم بأنهم يخبطون في شك ومرية فلا يزيلونه والإزالة مستطاعة، ثم بما هو أسوأ حالاً وهو العمى. وقد جعل الآخرة مبتدأ عماهم ومنشأة فلذا عداه بـــــ «من» دون «عن» لأن الكفر بالعاقبة والجزاء هو الذي منعهم عن التدبر والتفكر. ووجه ملاءمة مضمون هذه الآية ــ وهو وصف المشركين ــ بإنكارهم البعث مع استحكام أسباب العلم والتمكن من المعرفة بما قبله وهو اختصاصه تعالى بعلم الغيب وأن العباد لا علم لهم بشيء منه، أنه لما ذكر أن العباد لا يعلمون الغيب وكان هذا بياناً لعجزهم ووصفاً لقصور علمهم، وصل به أن عندهم عجزاً أبلغ منه وهو أنهم يقولون للكائن الذي لا بد من كونه وهو وقت جزاء أعمالهم لا يكون مع أن عندهم أسباب معرفة كونه واستحكام العلم به. وجاز أن يكون وصفهم باستحكام العلم وتكامله تهكماً بهم كما تقول لأجهل الناس «ما أعلمك» على سبيل الهزؤ وذلك حيث شكوا عموا عن إثباته الذي الطريق إلى علمه مسلوك فضلاً أن يعرفوا وقت كونه الذي لا طريق إلى معرفته، ويجوز أن يكون أدرك بمعنى انتهى وفني من قولك «أدركت الثمرة» لأن تلك غايتها التي عندها تعدم، وقد فسرها الحسن بإضمحل علمهم في الآخرة. وتدارك من تدارك بنو فلان إذا تتابعوا في الهلاك.