خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَوَقَعَ ٱلْقَوْلُ عَلَيهِم بِمَا ظَلَمُواْ فَهُمْ لاَ يَنطِقُونَ
٨٥
أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا ٱلْلَّيْلَ لِيَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٨٦
وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ
٨٧
وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ
٨٨
-النمل

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ وَوَقَعَ ٱلْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُواْ فَهُمْ لاَ يَنطِقُونَ } أي يغشاهم العذاب الموعود بسبب ظلمهم وهو التكذيب بآيات الله فيشغلهم عن النطق والاعتذار كقوله: { هَـٰذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } [المرسلات: 35]

{ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا ٱلَّيْلَ لِيَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبْصِراً } حال، جعل الإبصار للنهار وهو لأهله والتقابل مراعى من حيث المعنى لأن معنى { مبصراً } ليبصروا فيه طرق التقلب في المكاسب { إِنَّ فِى ذٰلِكَ لآيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } يصدقون فيعتبرون، وفيه دليل على صحة البعث لأن معناه ألم يعلموا أنا جعلنا الليل والنهار قواماً لمعاشهم في الدنيا ليعلموا أن ذلك لم يجعل عبثاً بل محنة وابتلاء ولا بد عند ذلك من ثواب وعقاب فإذا لكم يكونا في هذه الدار فلا بد من دار أخرى للثواب والعقاب { وَيَوْمَ } واذكر يوم { يُنفَخُ فِى ٱلصُّوَرِ } وهو قرن أو جمع صورة والنافخ إسرافيل عليه السلام { فَفَزِعَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَمَن فِى ٱلأَرْضِ } اختير «فزع» على «يفزع» للإشعار بتحقق الفزع وثبوته وأنه كائن لا محالة، والمراد فزعهم عند النفخة الأولى حين يصعقون { إِلاَّ مَن شَاء ٱللَّهُ } إلا من ثبت الله قلبه من الملائكة قالوا: هم جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت عليهم السلام لأنه صعق مرة، ومثله :{ { وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَمَن فِى ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَاء ٱللَّهُ } )الزمر:68) { وَكُلٌّ أَتَوْهُ } حمزة وحفص وخلف، { اتوه } غيرهم وأصله «آتيوه» { دٰخِرِينَ } حال أي صاغرين ومعنى الإتيان حضورهم الموقف ورجوعهم إلى أمره تعالى وانقيادهم له.

{ وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا } بفتح السين: شامي وحمزة ويزيد وعاصم، وبكسرها: غيرهم حال من المخاطب { جَامِدَةً } واقفة ممسكة عن الحركة من جمد في مكانه إذا لم يبرح { وَهِىَ تَمُرُّ } حال من الضمير المنصوب في { تحسبها } { مَرَّ ٱلسَّحَابِ } أي مثل مر السحاب والمعنى أنك إذا رأيت الجبال وقت النفخة ظننتها ثابتة في مكان واحد لعظمها وهي تسير سيراً سريعاً كالسحاب إذا ضربته الريح، وهكذا الأجرام العظام المتكاثرة العدد إذا تحركت لا تكاد تبين حركتها كما قال النابغة في صفة جيش

بأرعن مثل الطود تحسب أنهموقوف الحاج والركاب تهملج

{ صُنْعَ ٱللَّهِ } مصدر عمل فيه ما دل عليه { تمر } لأن مرورها كمر السحاب من صنع الله فكأنه قيل: صنع الله ذلك صنعاً وذكر اسم الله لأنه لم يذكر قبل { ٱلَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَىْء } أي أحكم خلقه { إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } { يفعلون } مكي وبصري غير سهل وأبو بكر غير يحي، وغيرهم بالتاء أي أنه عالم بما يفعل العباد فيكافئهم على حسب ذلك.

ثم لخص ذلك بقوله