خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلَّىٰ مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يٰمُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ ٱلآمِنِينَ
٣١
ٱسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ ٱلرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ
٣٢
-القصص

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ } ونودي أن ألق عصاك فألقاها فقلبها الله ثعباناً { فَلَمَّا رَءاهَا تَهْتَزُّ } تتحرك { كَأَنَّهَا جَانٌّ } حية في سعيها وهي ثعبان في جثتها { وَلَّىٰ مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقّبْ } يرجع فقيل له { يٰمُوسَىٰ أَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ إِنَّكَ مِنَ ٱلآمِنِينَ } أي أمنت من أن ينالك مكروه من الحية { ٱسْلُكْ } أدخل { يَدَكَ فِى جَيْبِكَ } جيب قميصك { تَخْرُجْ بَيْضَاء } لها شعاع كشعاع الشمس { مِنْ غَيْرِ سُوء } برص.

{ وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ ٱلرَّهْبِ } حجازي بفتحتين وبصري. { الرَّهب } حفص { الرُّهب } غيرهم ومعنى الكل الخوف والمعنى: واضمم يدك إلى صدرك يذهب ما بك من فرق أي لأجل الحية. عن ابن عباس رضي الله عنهما: كل خائف إذا وضع يده على صدره زال خوفه. وقيل: معنى ضم الجناح أن الله تعالى لما قلب العصا حية فزع موسى واتقاها بيده كما يفعل الخائف من الشيء فقيل له: إن اتقاءك بيدك غضاضة عند الأعداء فإذا ألقيتها فكما تنقلب حية فأدخل يدك تحت عضدك مكان اتقائك بها ثم أخرجها بيضاء ليحصل الأمران: اجتناب ما هو غضاضة عليك وإظهار معجزة أخرى. والمراد بالجناح اليد لأن يدي الإنسان بمنزلة جناحي الطائر، وإذا أدخل يده اليمنى تحت عضده اليسرى فقد ضم جناحه إليه، أو أريد بضم جناحه إليه تجلده وضبطه نفسه عند انقلاب العصا حية حتى لا يضطرب ولا يرهب، استعارة من فعل الطائر لأنه إذا خاف نشر جناحيه وأرخاهما وإلا فجناحاه مضمومان إليه مشمران. ومعنى { من الرهب } من أجل الرهب أي إذا أصابك الرهب عند رؤية الحية فاضمم إليك جناحك، جعل الرهب الذي كان يصيبه سبباً وعلة فيما أمر به من ضم جناحه إليه. ومعنى { واضمم إليك جناحك } و{ اسلك يدك في جيبك } على أحد التفسيرين واحد ولكن خولف بين العبارتين لاختلاف الغرضين إذ الغرض في أحدهما خروج اليد بيضاء، وفي الثاني إخفاء الرهب. ومعنى { { وَٱضْمُمْ يَدَكَ إِلَىٰ جَنَاحِكَ } [طه: 22] في «طه» أدخل يمناك تحت يسراك { فَذَانِكَ } مخففاً مثنى «ذاك» ومشدداً: مكي وأبو عمرو مثنى ذلك فإحدى النونين عوض من اللام المحذوفة والمراد اليد والعصا { بُرْهَانَـٰنِ } حجتان نيرتان بينتان وسميت الحجة برهاناً لإنارتها من قولهم للمرأة البيضاء برهرهة { مِن رَّبّكَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإيهِ } أي أرسلناك إلى فرعون وملئه بهاتين الآيتين { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَـٰسِقِينَ } كافرين.