خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَوَلَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدِئُ ٱللَّهُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ
١٩
قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِىءُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلآخِرَةَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٢٠
يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ
٢١
وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ
٢٢
-العنكبوت

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ أَوَ لَمْ يَرَوْاْ } وبالتاء: كوفي غير حفص { كَيْفَ يُبْدِىء ٱللَّهُ ٱلْخَلْقَ } أي قد رأوا ذلك وعلموه. وقوله { ثُمَّ يُعِيدُهُ } ليس بمعطوف على { يبدىء } وليست الرؤية واقعة عليه وإنما هو إخبار على حياله بالإعادة بعد الموت كما وقع النظر في قوله { كَيْفَ بَدَأَ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِىء ٱلنَّشْأَةَ ٱلآخِرَةَ } [العنكبوت: 20] على البدء دون الإنشاء بل هو معطوف على جملة قوله { أو لم يروا كيف يبدىء الله الخلق } { إِنَّ ذٰلِكَ } أي الإعادة { عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } سهل { قُلْ } يا محمد وإن كان من كلام إبراهيم فتقديره وأوحينا إليه أن قل { سِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ ٱلْخَلْقَ } على كثرتهم واختلاف أحوالهم لتعرفوا عجائب فطرة الله بالمشاهدة، وبدأ وأبدأ بمعنى { ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِىء ٱلنَّشْأَةَ ٱلآخِرَةَ } أي البعث. وبالمد حيث كان: مكي وأبو عمرو. وهذا دليل على أنهما نشأتان وأن كل واحدة منهما إنشاء أي ابتداء واختراع وإخراج من العدم إلى الوجود، غير أن الآخرة إنشاء بعد إنشاء مثله والأولى ليست كذلك، والقياس أن يقال «كيف بدأ الله الخلق ثم ينشىء النشأة الآخرة» لأن الكلام معهم وقع في الإعادة، فلما قررهم في الإبداء بأنه من الله احتج عليهم بأن الإعادة إنشاء مثل الإبداء، فإذا لم يعجزه الإبداء وجب أن لا يعجزه الإعادة فكأنه قال: ثم ذلك الذي أنشأ النشأة الأولى ينشيء النشأة الآخرة، فللتنبيه على هذا المعنى أبرز اسمه وأوقعه مبتدأ { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْء قَدِيرٌ } قادر { يُعَذّبُ مَن يَشَاء } بالخذلان { وَيَرْحَمُ مَن يَشَاء } بالهداية أو بالحرص والقناعة، أو بسوء الخلق وحسنه، أو بالإعراض عن الله وبالإقبال عليه، أو بمتابعة البدع وبملازمة السنة { وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ } تردون وترجعون { وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ } ربكم أي لا تفوتونه إن هربتم من حكمه وقضائه { فِى ٱلأَرْضِ } الفسيحة { وَلاَ فِى ٱلسَّمَاء } التي هي أفسح منها وأبسط لو كنتم فيها { وَمَا لَكُم مّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيّ } يتولى أموركم { وَلاَ نَصِيرٍ } ولا ناصر يمنعكم من عذابي.