خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ
٥٧
وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْجَنَّةِ غُرَفَاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ
٥٨
ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
٥٩
وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا ٱللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
٦٠
-العنكبوت

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ ٱلْمَوْتِ } أي واجدة مرارته وكربه كما يجد، الذائق طعم المذوق لأنها إذا تيقنت بالموت سهل عليها مفارق وطنها { ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } بعد الموت للثواب والعقاب { يرجعون } يحيـــــى { ترجعون } يعقوب.

{ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَنُبَوّئَنَّهُمْ مّنَ ٱلْجَنَّةِ غُرَفَاً } لننزلنهم من الجنة علالي. { لنثوينهم } كوفي غير عاصم من الثواء وهو النزول للإقامة، وثوى غير متعد فإذا تعدى بزيادة الهمزة لم يجاوز مفعولاً واحداً. والوجه في تعديته إلى ضمير المؤمنين وإلى الغرف، أما إجراؤه مجرى لننزلنهم أو لنؤينهم، أو حذف الجار وإيصال الفعل، أو تشبيه الظرف المؤقت بالمبهم { تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَـٰمِلِينَ } ويوقف على { العاملين } على أن { ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ } خبر مبتدأ محذوف أي هم الذين صبروا على مفارقة الأوطان وعلى أذى المشركين وعلى المحن والمصائب وعلى الطاعات وعن المعاصي، والوصل أجود ليكون { ٱلَّذِينَ } نعتا لـــــ { العاملين } { وَعَلَىٰ رَبّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } ولم يتوكلوا في جميع ذلك إلا على الله، ولما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسلم من مكة بالهجرة خافوا الفقر والضيعة فنزلت { وَكَأَيّن مّن دَابَّةٍ } أي وكم من دابة { وكائن } بالمد والهمز: مكي والدابة كل نفس دبت على وجه الأرض عقلت أم لم تعقل { لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا } لا تطيق أن تحمله لضعفها عن حمله { ٱللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ } أي لا يرزق تلك الدّواب الضعاف إلا الله، ولا يرزقكم أيضاً أيها الأقوياء إلا هو، وإن كنتم مطيقين لحمل أرزاقكم وكسبها لأنه لو لم يقدركم ولم يقدر لكم أسباب الكسب لكنتم أعجز من الدواب التي لا تحمل. وعن الحسن: لا تحمل رزقها لا تدخره إنما تصبح فيرزقها الله. وقيل: لا يدخر شيء من الحيوان قوتاً إلا ابن آدم والفأرة والنملة { وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ } لقولكم نخشى الفقر والعيلة { ٱلْعَلِيمُ } بما في ضمائركم.