{ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ } مبتدأ وخبر {ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } أي: هو المختص بالخلق والرزق والإماتة والإحياء {هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ } أي: أصنامكم التي زعمتم أنهم شركاء لله {مَّن يَفْعَلُ مِن ذَلِكُمْ } أي: من الخلق والرزق والإماتة والإحياء {مِن شَىْءٍ } أي: شيئاً من تلك الأفعال فلم يجيبوا عجزاً فقال استبعاداً: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ } و «من» الأولى الثانية والثالثة كل واحدة منهن مستقلة بتأكيد لتعجيز شركائهم وتجهيل عبدتهم.
{ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِى ٱلْبَرّ وَٱلْبَحْرِ } نحو القحط وقلة الأمطار والريع في الزراعات والربح في التجارات ووقوع الموتان في الناس والدواب وكثرة الحرق والغرق ومحق البركات من كل شيء {بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى ٱلنَّاسِ } بسبب معاصيهم وشركهم كقوله:
{ وَمَا أَصَـٰبَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ } [الشورى: 30] {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ ٱلَّذِى عَمِلُواْ } أي: ليذيقهم وبال بعض أعمالهم في الدنيا قبل أن يعاقبهم بجميعها في الآخرة وبالنون عن قنبل {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } عما هم عليه من المعاصي ثم أكد تسبيب المعاصي لغضب الله ونكاله بقوله: {قُلْ سِيرُواْ فِى ٱلأَرْضِ فَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّشْرِكِينَ } حيث أمرهم بأن يسيروا فينظروا كيف أهلك الله الأمم وأذاقهم سوء العاقبة بمعصايهم. {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدّينَ ٱلْقِيّمِ } البليغ الاستقامة الذي لا يتأتى فيه عوج {مِن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ لَهُ } هو مصدر بمعنى الرد {مِنَ ٱللَّهِ } يتعلق بيأتي، والمعنى: من قبل أن يأتي من الله يوم لا يرده أحد كقوله تعالى:
{ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا } [الأنبياء: 40] أو بمرد على معنى لا يرده هو بعد أن يجيء به ولا رد له من جهته {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } يتصدعون أي: يتفرقون ثم أشار إلى غناه عنهم.