{ٱللَّهُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن ضَعْفٍ } من النطف كقوله
{ مّن مَّاء مَّهِينٍ } [المرسلات: 20] {ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةٍ } يعني حال الشباب وبلوغ الأشد {ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً } يعني حال الشيخوخة والهرم {يَخْلُقُ مَا يَشَاء } من ضعف وقوة وشباب وشيبة {وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ } بأحوالهم {ٱلْقَدِيرُ } على تغييرهم وهذا الترديد في الأحوال أبين دليل على الصانع العليم القدير. فتح الضاد في الكل: عاصم وحمزة، وضم غيرهما وهو اختيار حفص، وهما لغتان والضم أقوى في القراءة لما روي عن ابن عمر قال: قرأتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم {من ضَعف} فأقرأني { من ضُعفٍ } }. {وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ } أي القيامة سميت بذلك لأنها تقوم في آخر ساعة من ساعات الدنيا، أو لأنها تقع بغتة كما تقول في ساعة لمن تستعجله وجرت علماً لها كالنجم للثريا {يُقْسِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ } يحلف الكافرون، ولا وقف عليه لأن {مَا لَبِثُواْ } في القبور أو في الدنيا {غَيْرَ سَاعَةٍ } جواب القسم استقلوا مدة لبثهم في القبور أو في الدنيا لهول يوم القيامة وطول مقامهم في شدائدها أو ينسون أو يكذبون {كَذَلِكَ كَانُواْ يُؤْفَكُونَ } أي مثل ذلك الصرف كانوا يصرفون عن الصدق إلى الكذب في الدنيا ويقولون ما هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين.
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَٱلإِيمَـٰنَ } هم الأنبياء والملائكة والمؤمنون {لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِى كِتَـٰبِ ٱللَّهِ } في علم الله المثبت في اللوح أو في حكم الله وقضائه {إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْبَعْثِ } ردوا ما قالوه وحلفوا عليه وأطلعوهم على الحقيقة، ثم وصلوا ذلك بتقريعهم على إنكار البعث بقولهم {فَهَـٰذَا يَوْمُ ٱلْبَعْثِ وَلَـٰكِنَّكُمْ كُنتمْ } في الدنيا {لاَ تَعْلَمُونَ } أنه حق لتفريطكم في طلب الحق واتباعه. والفاء لجواب شرط يدل عليه الكلام تقديره: إن كنتم منكرين البعث فهذا يوم البعث الذي أنكرتموه