خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ لاَ يَنفَعُ ٱلظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ ٱلْلَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوۤءُ ٱلدَّارِ
٥٢
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْهُدَىٰ وَأَوْرَثْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ٱلْكِتَابَ
٥٣
هُدًى وَذِكْرَىٰ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ
٥٤
فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَٱسْتَغْفِـرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ
٥٥
إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّـا هُم بِبَالِغِيهِ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّـهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ
٥٦
لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
٥٧
وَمَا يَسْتَوِي ٱلأَعْـمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَلاَ ٱلْمُسِيۤءُ قَلِيـلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ
٥٨
إِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَـةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ
٥٩
وَقَالَ رَبُّكُـمُ ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ
٦٠
ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱللَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَـارَ مُبْصِـراً إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ
٦١
ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ خَـٰلِقُ كُلِّ شَيْءٍ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ
٦٢
كَذَلِكَ يُؤْفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ
٦٣
ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَـلَ لَكُـمُ ٱلأَرْضَ قَـرَاراً وَٱلسَّمَآءَ بِنَـآءً وَصَوَّرَكُـمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُـمْ وَرَزَقَكُـمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُـمْ فَتَـبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ
٦٤
هُوَ ٱلْحَيُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَـٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ
٦٥
قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَمَّا جَآءَنِيَ ٱلْبَيِّنَـٰتُ مِن رَّبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ
٦٦
هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَـبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُـمْ ثُمَّ لِتَكُـونُواْ شُيُوخاً وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوۤاْ أَجَلاً مُّسَمًّى وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ
٦٧
هُوَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فيَكُونُ
٦٨
أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ أَنَّىٰ يُصْرَفُونَ
٦٩
ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِٱلْكِـتَابِ وَبِمَآ أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ
٧٠
إِذِ ٱلأَغْلاَلُ فِيۤ أَعْنَاقِهِمْ وٱلسَّلاَسِلُ يُسْحَبُونَ
٧١
فِي ٱلْحَمِيمِ ثُمَّ فِي ٱلنَّارِ يُسْجَرُونَ
٧٢
ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ
٧٣
مِن دُونِ ٱللَّهِ قَـالُواْ ضَـلُّواْ عَنَّا بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلْكَافِرِينَ
٧٤
ذَلِكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ
٧٥
ٱدْخُلُوۤاْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ
٧٦
فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَـإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ
٧٧
-غافر

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ يَوْمَ لاَ يَنفَعُ ٱلظَّـٰلِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ } هذا بدل من { يَوْمَ يَقُومُ } أي لا يقبل عذرهم. { لاَّ ينفَعُ } كوفي ونافع { وَلَهُمُ ٱلْلَّعْنَةُ } البعد من رحمة الله { وَلَهُمْ سُوءُ ٱلدَّارِ } أي سوء دار الآخرة وهو عذابها { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى ٱلْهُدَىٰ } يريد به جميع ما أتى به في باب الدين من المعجزات والتوراة والشرائع { وَأَوْرَثْنَا بَنِى إِسْرٰءَيلَ ٱلْكِتَـٰبَ } أي التوراة والإنجيل والزبور لأن الكتاب جنس أي تركنا الكتاب من بعد هذا إلى هذا { هُدًى وَذِكْرَىٰ } إرشاداً وتذكرة، وانتصابهما على المفعول له أو على الحال { لأُِوْلِى ٱلأَلْبَـٰبِ } لذوي العقول. { فَٱصْبِرْ } على ما يجرعك قومك من الغصص { إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ } يعني إن ما سبق به وعدي من نصرتك وإعلاء كلمتك حق { وَٱسْتَغْفِـرْ لِذَنبِكَ } أي لذنب أمتك { وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِٱلْعَشِىِّ وَٱلإِبْكَارِ } أي دم على عبادة ربك والثناء عليه. وقيل: هما صلاتا العصر والفجر. وقيل: قل سبحان الله وبحمده. { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَـٰدِلُونَ فِى ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَـٰنٍ أَتَـٰهُمْ } لا وقف عليه لأن خبر «إن» { إِن فِى صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ } تعظم وهو إرادة التقدم والرياسة وأن لا يكون أحد فوقهم، فلهذا عادوك ودفعوا آياتك خيفة أن تتقدمهم ويكونوا تحت يدك وأمرك ونهيك لأن النبوة تحتها كل ملك ورياسة، أو إرادة أن تكون لهم النبوة دونك حسداً وبغياً وبدل عليه قوله: { لَوْ كَانَ خَيْراً مَّا سَبَقُونَا إِلَيْهِ } [الأحقاف: 11] أو إرادة دفع الآيات بالجدل { مَّـا هُم بِبَـٰلِغِيهِ } ببالغي موجب الكبر ومقتضيه وهو متعلق إرادتهم من الرياسة أو النبوة أو دفع الآيات { فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ } فالتجيء إليه من كيد من يحسدك ويبغي عليك { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ } لم تقول ويقولون { ٱلبَصِيرُ } بما تعمل ويعملون فهو ناصرك عليهم وعاصمك من شرهم.

{ لَخَلْقُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ } لما كانت مجادلتهم في آيات الله مشتملة على إنكار البعث، وهو أصل المجادلة ومدارها حجوا بخلق السماوات الأرض لأنهم كانوا مقرين بأن الله خالقها فإن من قدر على خلقها مع عظمها كان على خلق الإنسان مع مهانته أقدر. { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } لأنهم لا يتأملون لغلبة الغفلة عليهم. { وَمَا يَسْتَوِى ٱلأَعْـمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَلاَ ٱلْمُسِىءُ } «لا» زائدة { قَلِيـلاً مَّا تَتَذَكَّرُونَ } تتعظون بتاءين: كوفي، وبياء وتاء: غيرهم، و{ قَلِيلاً } صفة مصدر محذوف أي تذكراً قليلاً يتذكرون و«ما» صلة زائدة. { إِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَـةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا } لا بد من مجيئها وليس بمرتاب فيها لأنه لا بد من جزاء لئلا يكون خلق الخلق للفناء خاصة { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ } لا يصدقون بها { وَقَالَ رَبُّكُـمْ ٱدْعُونِى } اعبدوني { أَسْتَجِبْ لَكُمْ } أثبكم فالدعاء بمعنى العبادة كثير في القرآن ويدل عليه قوله { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى } وقال عليه السلام: "الدعاء هو العبادة" وقرأ هذه الآية صلى الله عليه وسلم. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: وحدوني أغفر لكم وهذا تفسير للدعاء بالعبادة ثم للعبادة بالتوحيد. وقيل: سلوني أعطكم { سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ } { سيُدخلون } مكي وأبو عمرو. { دٰخِرِينَ } صاغرين.

{ ٱللَّهُ ٱلَّذِى جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيْلَ لِتَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَـارَ مُبْصِـراً } هو من الإسناد المجازي أي مبصراً فيه لأن الإبصار في الحقيقة لأهل النهار. وقرن { ٱلَّيْلَ } بالمفعول له و{ ٱلنَّهَارَ } بالحال ولم يكونا حالين أو مفعولاً لهما رعاية لحق المقابلة لأنهما متقابلان معنى، لأن كل واحد منهما يؤدي مؤدى الآخر، ولأنه لو قيل لتبصروا فيه فاتت الفصاحة التي في الإسناد المجازي، ولو قيل ساكناً لم تتميز الحقيقة من المجاز إذ الليل يوصف بالسكون على الحقيقة، ألا ترى إلى قولهم ليل ساجٍ أي ساكن لا ريح فيه { إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ } ولم يقل لمفضل أو لمتفضل لأن المراد تنكير الفضل وأن يجعل فضلاً لا يوازيه فضل وذلك إنما يكون بالإضافة { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ } ولم يقل «ولكن أكثرهم» حتى لا يتكرر ذكر الناس لأن في هذا التكرير تخصيصاً لكفران النعمة بهم وأنهم هم الذين يكفرون فضل الله ولا يشكرونه كقوله: { إِنَّ ٱلإِنْسَـٰنَ لَكَفُورٌ } [الحج: 66]. وقوله: { إِنَّ ٱلإنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } [إبراهيم: 34].

{ ذٰلِكُمُ } الذي خلق لكم الليل والنهار { ٱللَّهُ رَبُّـكُمْ خَـٰلِقُ كُـلِّ شَىْءٍ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } أخبار مترادفة أي هو الجامع لهذه الأوصاف من الربوبية والإلهية وخلق كل شيء والوحدانية { فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ } فكيف ومن أي وجه تصرفون عن عبادته إلى عبادة الأوثان؟ { كَذَلِكَ يُؤْفَكُ ٱلَّذِينَ كَانُواْ بِـئَايَـٰتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } أي كل من جحد بآيات الله ولم يتأملها ولم يطلب الحق أفك كما أفكوا.

{ ٱللَّهُ ٱلَّذِى جَعَـلَ لَكُـمُ ٱلأَرْضَ قَـرَاراً } مستقراً { وَٱلسَّمَآءَ بِنَاءً } سقفاً فوقكم { وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ } قيل: لم يخلق حيواناً أحسن صورة من الإنسان. وقيل: لم يخلقهم منكوسين كالبهائم { وَرَزَقَكُم مّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ } اللذيذات { ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُـمْ فَتَـبَـٰرَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَـٰلَمِينَ هُوَ ٱلْحَىُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَـٱدْعُوهُ } فاعبدوه { مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } أي الطاعة من الشرك والرياء قائلين { ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } وعن ابن عباس رضي الله عنهما: من قال لا إله إلا الله فليقل على أثرها الحمد لله رب العالمين. ولما طلب الكفار منه عليه السلام عبادة الأوثان نزل { قُلْ إِنِّى نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَمَّا جَآءَنِى ٱلْبَيِّنَـٰتُ مِن رَّبِّى } هي القرآن وقيل العقل والوحي { وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ } أستقيم وأنقاد { لِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ } أي أصلكم { مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً } اقتصر على الواحد لأن المراد بيان الجنس { ثُمَّ لِتَـبْلُغُواْ أَشُدَّكُـمْ } متعلق بمحذوف تقديره ثم يبقيكم لتبلغوا وكذلك { ثُمَّ لِتَكُـونُواْ شُيُوخاً } وبكسر الشين: مكي وحمزة وعلي وحماد ويحيـى والأعشى { وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ } أي من قبل بلوغ الأشد أو من قبل الشيوخة { وَلِتَبْلُغُواْ أَجَلاً مُّسَمًّى } معناه ويفعل ذلك لتبلغوا أجلاً مسمى وهو وقت الموت أو يوم القيامة { وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ } ما في ذلك من العبر والحجج { هُوَ ٱلَّذِى يُحْيِى وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فيَكُونُ } أي فإنما يكوّنه سريعاً من غير كلفة. { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُجَـٰدِلُونَ فِى ءَايَـٰتِ ٱللَّهِ أَنَّىٰ يُصْرَفُونَ } ذكر الجدال في هذه السورة في ثلاثة مواضع فجاز أن يكون في ثلاثة أقوام أو ثلاثة أصناف أو للتأكيد { ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِٱلْكِـتَـٰبِ } بالقرآن { وَبِمَآ أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا } من الكتاب { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ إِذِ ٱلاْغْلَـٰلُ فِى أَعْنَـٰقِهِمْ } «إذا» ظرف زمان ماضٍ والمراد به هنا الاستقبال كقوله: { فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } وهذا لأن الأمور المستقبلة لما كانت في أخبار الله تعالى مقطوعاً بها عبر عنها بلفظ ما كان ووجد، والمعنى على الاستقبال { وٱلسَّلَـٰسِلُ } عطف على { ٱلأغْلَـٰلَ } والخبر { فِى أَعْنـٰقِهِمْ } والمعنى إذ الأغلال والسلاسل في أعناقهم { يُسْحَبُونَ فِى ٱلْحَمِيمِ } يجرون في الماء الحار { ثُمَّ فِى ٱلنَّارِ يُسْجَرُونَ } من سجر التنور إذا ملأه بالوقود ومعناه أنهم في النار فهي محيطة بهم وهم مسجورون بالنار مملوءة بها أجوافهم { ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ } أي تقول لهم الخزنة { أَيْنَ مَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } يعني الأصنام التي تعبدونها { قَـالُواْ ضَـلُّواْ عَنَّا } غابوا عن عيوننا فلا نراهم ولا ننتفع بهم { بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً } أي تبين لنا أنهم لم يكونوا شيئاً وما كنا نعبد بعبادتهم شيئاً كما تقول: حسبت أن فلاناً شيء فإذا هو ليس بشيء إذا خبرته فلم تر عنده خيراً. { كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ ٱلْكَـٰفِرِينَ } مثل ضلال آلهتهم عنهم يضلون عن آلهتهم حتى لو طلبوا الآلهة أو طلبتهم الآلهة لم يتصادفوا، أو كما أضل هؤلاء المجادلين يضل سائر الكافرين الذين علم منهم اختيار الضلالة على الدين { ذٰلِكُمْ } العذاب الذي نزل بكم { بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِى ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ } بسبب ما كان لكم من الفرح والمرح بغير الحق وهو الشرك وعبادة الأوثان فيقال لهم { ٱدْخُلُواْ أَبْوٰبَ جَهَنَّمَ } السبعة المقسومة لكم. قال الله تعالى: { لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْء مَّقْسُومٌ } [الحجر: 44]. { خَـٰلِدِينَ فِيهَا } مقدرين الخلود { فَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَـبِّرِينَ } عن الحق جهنم { فَٱصْبِرْ } يا محمد { إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ } بإهلاك الكفار { حَقٌّ } كائن { فَـإِمَّا نُرِيَنَّكَ } أصله فإن نريك و«ما» مزيدة لتوكيد معنى الشرط ولذلك ألحقت النون بالفعل، ألا تراك لا تقول إن تكرمني أكرمك ولكن إما تكرمني أكرمك { بَعْضَ ٱلَّذِى نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ } هذا الجزاء متعلق بـ { نَتَوَفَّيَنَّكَ } وجزاء { نُرِيَنَّكَ } محذوف وتقديره وإما نرينك بعض الذي نعدهم من العذاب وهو القتل يوم بدر فذاك، أو إن نتوفينك قبل يوم بدر فإلينا يرجعون يوم القيامة فننتقم منهم أشد الانتقام.