خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ ٱلْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ ٱلْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
٩٦
جَعَلَ ٱللَّهُ ٱلْكَعْبَةَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ قِيَٰماً لِّلنَّاسِ وَٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ وَٱلْهَدْيَ وَٱلْقَلاَئِدَ ذٰلِكَ لِتَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَأَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
٩٧
ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ وَأَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
٩٨
مَّا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ
٩٩
قُل لاَّ يَسْتَوِي ٱلْخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ ٱلْخَبِيثِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يٰأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
١٠٠
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَآءَ إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ ٱلْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهَا وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ
١٠١
قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِّن قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا كَافِرِينَ
١٠٢
مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَـٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ
١٠٣
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَآ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ
١٠٤
يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهْتَدَيْتُمْ إِلَى ٱللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
١٠٥
يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ ٱثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ ٱلْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ ٱلصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ ٱللَّهِ إِنَّآ إِذَاً لَّمِنَ ٱلآَثِمِينَ
١٠٦
فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا ٱسْتَحَقَّآ إِثْماً فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا ٱعْتَدَيْنَآ إِنَّا إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ
١٠٧
-المائدة

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ ٱلْبَحْرِ } مصيدات البحر مما يؤكل ومما لا يؤكل { وَطَعَامُهُ } وما يطعم من صيده. والمعنى: أحل لكم الانتفاع بجميع ما يصاد في البحر، وأحل لكم أكل المأكول منه وهو السمك وحده { مَتَـٰعاً لَّكُمْ } مفعول له أي أحل لكم تمتيعاً لكم { وَلِلسَّيَّارَةِ } وللمسافرين. والمعنى: أحل لكم طعامه تمتيعاً لتُنّائكم يأكلونه طرياً ولسيارتكم يتزودونه قديداً كما تزود موسى عليه السلام الحوت في مسيره إلى الخضر. { وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ ٱلْبَرِّ } ما صيد فيه وهو ما يفرخ فيه وإن كان يعيش في الماء في بعض الأوقات كالبط فإنه بري لأنه يتولد في البر والبحر له مرعى كما للناس متجر { مَا دُمْتُمْ حُرُماً } محرمين { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } في الاصطياد في الحرم أو في الإحرام { ٱلَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ }

تبعثون فيجزيكم على أعمالكم.

{ جَعَلَ ٱللَّهُ ٱلْكَعْبَةَ } أي صير { ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ } بدل أو عطف بيان { قِيَاماً } مفعول ثانٍ أو «جعل» بمعنى «خلق» و«قياماً» حال { لِلنَّاسِ } أي انتعاشاً لهم في أمر دينهم ونهوضاً إلى أغراضهم في معاشهم ومعادهم لما يتم لهم من أمر حجهم وعمرتهم وأنواع منافعهم. قيل: لو تركوه عاماً لم ينظروا ولم يؤخروا { وَٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ } والشهر الذي يؤدي فيه الحج وهو ذو الحجة لأن في اختصاصه من بين الأشهر بإقامة موسم الحج فيه شأناً قد علمه الله، أو أريد به جنس الأشهر الحرم وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم. { وَٱلْهَدْىَ } ما يهدى إلى مكة { وَٱلْقَلَـٰئِدَ } والمقلد منه خصوصاً وهو البدن فالثواب فيه أكثر وبهاء الحج معه أظهر { ذٰلِكَ } إشارة إلى جعل الكعبة قياماً أو إلى ما ذكر من حفظ حرمة الإحرام بترك الصيد وغيره { لِتَعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَأَنَّ ٱللَّهَ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } أي لتعلموا أن الله يعلم مصالح ما في السموات وما في الأرض وكيف لا يعلم وهو بكل شيء عليم { ٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } لمن استخف بالحرم والإحرام { وَأَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ } لآثام من عظم المشاعر العظام { رَّحِيمٌ } بالجاني الملتجىء إلى البلد الحرام { مَّا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلَـٰغُ } تشديد في إيجاب القيام بما أمر به، وأن الرسول قد فرغ مما وجب عليه من التبليغ وقامت عليكم الحجة ولزمتكم الطاعة فلا عذر لكم في التفريط { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ } فلا يخفى عليه نفاقكم ووفاقكم.

{ قُل لاَّ يَسْتَوِي ٱلْخَبِيثُ وَٱلطَّيِّبُ } لما أخبر أنه يعلم ما يبدون وما يكتمون ذكر أنه لا يستوي خبيثهم وطيبهم بل يميز بينهما، فيعاقب الخبيث ـ أي الكافر ـ ويثيب الطيب ـ أي المسلم ـ { وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ ٱلْخَبِيثِ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } وآثروا الطيب وإن قل على الخبيث وإن كثر. وقيل: هو عام في حلال المال وحرامه وصالح العمل وطالحه وجيد الناس ورديئهم.

{ يٰأُوْلِي ٱلأَلْبَـٰبِ } أي العقول الخالصة { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } كانوا يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء امتحاناً فنزل:

{ يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تَسْـئَلُواْ عَنْ أَشْيَاءَ } قال الخليل وسيبويه وجمهور البصريين: أصله «شيئاء» بهمزتين بينهما ألف وهي فعلاء من لفظ شيء وهمزتها الثانية للتأنيث ولذا لم تنصرف كـ «حمراء» وهي مفردة لفظاً جمع معنى، ولما استثقلت الهمزتان المجتمعتان قدمت الأولى التي هي لام الكلمة فجعلت قبل الشين فصار وزنها «لفعاء»، والجملة الشرطية والمعطوفة عليها أي قوله { إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْـئَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ ٱلْقُرْءَانُ تُبْدَ لَكُمْ } صفة لـ «أشياء» أي وإن تسألوا عن هذه التكاليف الصعبة في زمان الوحي وهو ما دام الرسول بين أظهركم «تبد لكم» تلك التكاليف التي تسوؤكم أي تغمكم وتشق عليكم وتؤمرون بتحملها فتعرضون أنفسكم لغضب الله بالتفريط فيها { عَفَا ٱللَّهُ عَنْهَا } عفا الله عما سلف من مسألتكم فلا تعودوا إلى مثلها { وَٱللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ } لا يعاقبكم إلا بعد الإنذار. والضمير في { قَدْ سَأَلَهَا } لا يرجع إلى «أشياء» حتى يعدى بـ «عن» بل يرجع إلى المسألة التي دلت عليها «لا تسألوا» أي قد سأل هذه المسألة { قَوْمٌ مّن قَبْلِكُمْ } من الأولين { ثُمَّ أَصْبَحُواْ بِهَا } صاروا بسببها { كَـٰفِرِينَ } كما عرف في بني إسرائيل.

{ مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ } كان أهل الجاهلية إذا انتجت الناقة خمسة أبطن آخرها ذكر بحروا إذنها أي شقوها وامتنعوا من ركوبها وذبحها، ولا تطرد عن ماء ولا مرعى واسمها البحيرة. وكان يقول الرجل: إذا قدمت من سفري أو برأت من مرضي فناقتي سائبة وجعلها كالبحيرة في تحريم الانتفاع بها. وقيل: كان الرجل إذا أعتق عبداً قال: هو سائبة فلا عقل بينهما ولا ميراث. وكانت الشاة إذا ولدت سبعة أبطن فإن كان السابع ذكراً أكله الرجال، وإن كان أنثى أرسلت في الغنم، وكذا إن كان ذكراً وأنثى وقالوا: أوصلت أخاها فالوصيلة بمعنى الواصلة. وإذا نتجت من صلب الفحل عشرة أبطن قالوا: قد حمى ظهره فلا يركب ولا يحمل عليه ولا يمنع من ماء ولا مرعى. ومعنى «ما جعل» ما شرع ذلك ولا أمر به { وَلَـٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } بتحريمهم ما حرموا { يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ } في نسبتهم هذا التحريم إليه { وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } أن الله لم يحرم ذلك وهم عوامهم { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ مَا أَنزَلَ ٱللَّهُ وَإِلَى ٱلرَّسُولِ } أي هلموا إلى حكم الله ورسوله بأن هذه الأشياء غير محرمة { قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءَابَاءَنَا } أي كافينا ذلك، «حسبنا» مبتدأ والخبر «ما وجدنا» «وما» بمعنى «الذي» والواو في { أَوَ لَّوْ كَانَ ءَابَاؤُهُمْ } للحال قد دخلت عليها همزة الإنكار وتقديره: أحسبهم ذلك ولو كان آباؤهم { لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } أي الاقتداء إنما يصح بالعالم المهتدي وإنما يعرف اهتداؤه بالحجة { يأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ } انتصب «أنفسكم» بـ «عليكم» وهو من أسماء الأفعال أي الزموا إصلاح أنفسكم. والكاف والميم في «عليكم» في موضع جر لأن اسم الفعل هو الجار والمجرور لا على وحدها { لاَ يَضُرُّكُمْ } رفع على الاستئناف، أو جزم على جواب الأمر، وإنما ضمت الراء إتباعاً لضمة الضاد { مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهْتَدَيْتُمْ } كان المؤمنون تذهب أنفسهم حسرة على أهل العناد من الكفرة يتمنون دخولهم في الإسلام فقيل لهم: عليكم أنفسكم وما كلفتم من إصلاحها لا يضركم الضّلاّل عن دينكم إذا كنتم مهتدين، وليس المراد ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن تركهما مع القدرة عليهما لا يجوز. { إِلَىٰ اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً } رجوعكم { فَيُنَبّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } ثم يجزيكم على أعمالكم.

روي أنه خرج بديل ـ مولى عمرو بن العاص وكان من المهاجرين ـ مع عدي وتميم ـ وكانا نصرانيين ـ إلى الشام، فمرض بديل وكتب كتاباً فيه ما معه وطرحه في متاعه ولم يخبر به صاحبيه، وأوصى إليهما بأن يدفعا متاعه إلى أهله. ومات ففتشا متاعه، فأخذا إناء من فضة فأصاب أهل بديل الصحيفة فطالبوهما بالإناء فجحدا فرفعوهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل:

{ يِـأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ شَهَـٰدَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ حِينَ ٱلْوَصِيَّةِ ٱثْنَانِ } ارتفع «اثنان» لأنه خبر المبتدأ وهو «شهادة» بتقدير شهادة بينكم شهادة اثنين، أو لأنه فاعل «شهادة بينكم» أي فيما فرض عليكم أن يشهد اثنان. واتسع في «بين» فأضيف إليه المصدر. «وإذا حضر» ظرف للشهادة و«حين الوصية» بدل منه، وفي إبداله منه دليل على وجوب الوصية لأن حضور الموت من الأمور الكائنة، «وحين الوصية» بدل منه فيدل على وجوب الوصية ولو وجدت بدون الاختيار لسقط الابتلاء فنقل إلى الوجوب، وحضور الموت مشارفته وظهور أمارات بلوغ الأجل { ذَوَا عَدْلٍ } صفة لـ «اثنان» { مِّنكُمْ } من أقاربكم لأنهم أعلم بأحوال الميت { أو آخران } عطف على «اثنان» { مِنْ غَيْرِكُمْ } من الأجانب { إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ } سافرتم فيها. «وأنتم» فاعل فعل يفسره الظاهر { فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ ٱلْمَوْتِ } أو منكم من المسلمين ومن غيركم من أهل الذمة. وقيل: منسوخ إذ لا يجوز شهادة الذمي على المسلم، وإنما جازت في أول الإسلام لقلة المسلمين { تَحْبِسُونَهُمَا } تقفونهما للحلف هو استئناف كلام أو صفة لقوله «أو آخران من غيركم» أي أو آخران من غيركم محبوسان، «وإن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت» اعتراض بين الصفة والموصوف { مِن بَعْدِ ٱلصَّلوٰةِ } من بعد صلاة العصر لأنه وقت اجتماع الناس. وعن الحسنرحمه الله : بعد العصر أو الظهر لأن أهل الحجاز كانوا يقعدون للحكومة بعدهما. وفي حديث بديل أنها لما نزلت صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ودعا بعديِّ وتميم فاستحلفهما عند المنبر فحلفا ثم وجد الإناء بمكة فقالوا: إنا اشتريناه من تميم وعدي. { فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ } فيحلفان به { إِنِ ٱرْتَبْتُمْ } شككتم في أمانتهما وهو اعتراض بين «يقسمان» وجوابه وهو { لاَ نَشْتَرِي } وجواب الشرط محذوف أغنى عنه معنى الكلام والتقدير: إن ارتبتم في شأنهما فحلفوهما { بِهِ } بالله أو بالقسم { ثَمَناً } عوضاً من الدنيا { وَلَوْ كَانَ } أي المقسم له { ذَا قُرْبَىٰ } أي لا نحلف بالله كاذبين لأجل المال ولو كان من نقسم له قريباً منا { وَلاَ نَكْتُمُ شَهَـٰدَةَ ٱللَّهِ } أي الشهادة التي أمر الله بحفظها وتعظيمها { إنّآ إذاً } إن كتمنا { لَّمِنَ ٱلآثِمِينَ }. وقيل: إن أريد بهما الشاهدان فقد نسخ تحليف الشاهدين، وإن أريد الوصيان فلم ينسخ تحليفهما.