خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَٱلْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ
٣٦
وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلٍ آيَةً وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٣٧
وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَٰبِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ
٣٨
وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي ٱلظُّلُمَاتِ مَن يَشَإِ ٱللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
٣٩
قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ إِنْ أَتَـٰكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ ٱلسَّاعَةُ أَغَيْرَ ٱللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ
٤٠
بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَآءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ
٤١
-الأنعام

مدارك التنزيل وحقائق التأويل

{ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ يَسْمَعُونَ } أي إنما يجيب دعاءك الذين يسمعون دعاءك بقلوبهم { وَٱلْمَوْتَىٰ } مبتدأ إي الكفار { يَبْعَثُهُمُ ٱللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ } فحينئذ يسمعون وأما قبل ذلك فلا { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ } هلا أنزل عليه { ءايَةٌ مّن رَّبّهِ } كما نقترح من جعل الصفا ذهباً وتوسيع أرض مكة وتفجير الأنهار خلالها { قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلَ ءَايَةً } كما اقترحوا { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } إن الله قادر على أن ينزل تلك الآية، أو لا يعلمون ما عليهم في الآية من البلاء لو أنزلت { وَمَا مِن دَابَّةٍ } هي اسم لما يدب وتقع على المذكر والمؤنث { فِي ٱلأَرْضِ } في موضع جر صفة لـ { دَابَّةٍ } { وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ } قيد الطيران بالجناحين لنفي المجاز لأن غير الطائر قد يقال فيه طار إذا أسرع { إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَـٰلُكُمْ } في الخلق والموت والبعث والاحتياج إلى مدبر يدبر أمرها { مَّا فَرَّطْنَا } ما تركنا { فِي ٱلْكِتَـٰبِ } في اللوح المحفوظ { مِن شَيْءٍ } من ذلك لم نكتبه ولم نثبت ما وجب أن يثبت، أو الكتاب القرآن. وقوله { مِن شَيْءٍ } أي من شيء يحتاجون إليه فهو مشتمل على ما تعبدنا به عبارة وإشارة ودلالة واقتضاء { ثُمَّ إِلَىٰ رَبّهِمْ يُحْشَرُونَ } يعني الأمم كلها من الدواب والطيور فينصف بعضها من بعض كما رُوي أنه يأخذ للجماء من القرناء ثم يقول: كوني تراباً. وإنما قال { إِلاَّ أُمَمٌ } مع إفراد الدابة والطائر لمعنى الاستغراق فيهما. ولما ذكر من خلائقه وآثار قدرته ما يشهد لربوبيته وينادي على عظمته قال { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـايَـٰتِنَا صُمٌّ } لا يسمعون كلام المنبه { وَبُكْمٌ } لا ينطقون بالحق خابطون { فِي ٱلظُّلُمَـٰتِ } أي ظلمة الجهل والحيرة والكفر، غافلون عن تأمل ذلك والتفكر فيه. { صُمٌّ وَبُكْمٌ } خبر { ٱلَّذِينَ } ودخول الواو لا يمنع من ذلك، و { فِي ٱلظُّلُمَـٰتِ } خبر آخر. ثم قال إيذاناً بأنه فعال لما يريد { مَن يَشَأْ ٱللَّهُ يُضْلِلْهُ } أي من يشأ الله ضلاله يضلله { وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ } وفيه دلالة خلق الأفعال وإرادة المعاصي ونفي الأصلح.

{ قُلْ أَرَءَيتَكُم } وبتليين الهمزة: مدني، وبتركه: علي، ومعناه هل علمتم أن الأمر كما يقال لكم فأخبروني بما عندكم، والضمير الثاني لا محل له من الإعراب والتاء ضمير الفاعل ومتعلق الاستخبار محذوف تقديره أرأيتكم { إِنْ أَتَـٰكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمْ ٱلسَّاعَةُ } من تدعون. ثم بكتهم بقوله { أَغَيْرَ ٱللَّهِ تَدْعُونَ } أي أتخصون آلهتكم بالدعوة فيما هو عادتكم إذا أصابكم ضر أم تدعون الله دونها { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } في أن الأصنام آلهة فادعوها لتخلصكم { بَلْ إِيَّـٰهُ تَدْعُونَ } بل تخصونه بالدعاء دون الآلهة { فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ } أي ما تدعونه إلى كشفه { إِن شَاءَ } إن أراد أن يتفضل عليكم { وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ } وتتركون آلهتكم، أو لا تذكرون آلهتكم في ذلك الوقت لأن أذهانكم مغمورة بذكر ربكم وحده إذ هو القادر على كشف الضر دون غيره، ويجوز أن يتعلق الاستخبار بقوله { أَغَيْرَ ٱللَّهِ تَدْعُونَ } كأنه قيل: أرأيتكم أغير اللّه تدعون إن أتاكم عذاب اللّه.