خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّآ أَلْقَواْ قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُمْ بِهِ ٱلسِّحْرُ إِنَّ ٱللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ ٱلْمُفْسِدِينَ
٨١
وَيُحِقُّ ٱللَّهُ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُجْرِمُونَ
٨٢
فَمَآ آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ ٱلْمُسْرِفِينَ
٨٣
-يونس

لباب التأويل في معاني التنزيل

{ فلما ألقوا } يعني ما معهم من الحبال والعصي { قال موسى ما جئتم به السحر } يعني الذي جئتم به هو السحر الباطل وهذا على سبيل التوبيخ لهم { إن الله سيبطله } يعني يكمله ويظهر فضيحة صاحبه { إن الله لا يصلح عمل المفسدين } يعني لا يقويه ولا يكمله ولا يحسنه { ويحق الله الحق } يعني ويظهر الله الحق ويقويه ويعليه { بكلماته } يعني وعده الصادق لموسى أنه يظهره وقيل بما سبق من قضائه وقدره لموسى أنه يغلب السحرة { ولو كره المجرمون }.
قوله سبحانه وتعالى: { فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه } لما ذكر الله عز وجل ما أتى به موسى عليه السلام من المعجزات العظيمة الباهرة أخبر الله سبحانه وتعالى أنه مع مشاهدة هذه المعجزات ما آمن لموسى إلا ذرية من قومه وإنما ذكر الله عز وجل هذا تسلية لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم لأنه كان كثير الاهتمام بإيمان قومه وكان يغتم بسبب إعراضهم عن الإيمان به واستمرارهم على الكفر والتكذيب فبين الله سبحانه وتعالى أن له أسوة بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام لأن الذي جاء به موسى عليه السلام من المعجزات كان أمراً عظيماً ومع ذلك فما آمن معه إلا ذرية.
والذرية: اسم يقع على القليل من القوم، قال ابن عباس: الذرية القليل وقيل المراد به التصغير وقلة العدد واختلفوا في هاء الكناية في قومه فقيل إنها راجعة إلى موسى وأراد بها قوم موسى وهم بنو إسرائيل الذين كانوا معه بمصر من أولاده. قال مجاهد: هم أولاد يعقوب الذين أرسل إليهم موسى هلك الآباء وبقي الأبناء وقيل هم قوم نجوا من قتل فرعون لما أمر بقتل أبناء بني إسرائيل كانت المرأة في بني إسرائيل إذا ولدت ابناً وهبته لقبطية خوفاً عليه من القتل فنشؤوا بين القبط فلما كان اليوم الذي غلب موسى فيه السحرة آمنوا به، وقال ابن عباس: ذرية من قومه يعني من بني إسرائيل. وقيل: إنها راجعة إلى فرعون يعني إلا ذرية من قوم فرعون.
روى عطية عن ابن عباس قال: هم ناس يسير من قوم فرعون آمنوا منهم امرأة فرعون ومؤمن آل فرعون وخازنه وامرأة خازنه وماشطة ابنته.
قال الفراء: سموا ذرية لأن آباءهم كانوا من القبط من آل فرعون وأمهاتهم من بني إسرائيل فكان الرجل يتبع أمه وأخواله في الإيمان وذلك كما يقال لأولاد فارس الذين دخلوا إلى اليمن الأبناء لأن أمهاتهم من غير جنس الآباء { على خوف فرعون وملئهم } الملأ: الأشراف فعلى هذا يكون معنى الآية على خوف من فرعون ومن أشرافهم، وهم ملأ الذرية لأنه كان آباؤهم من القبط وأمهاتهم من بني إسرائيل وقيل أراد بالملأ ملأ فرعون وإنما قال سبحانه وتعالى وملئهم بالجمع وفرعون واحد على سبيل التفخيم له { أن يفتنهم } أي يصرفهم ويصدهم عن الإيمان وإنما قال أن يفتنهم ولم يقل أن يفتنوهم لأن قوم فرعون كانوا على مراده وتابعين لأمره { وإن فرعون لعال في الأرض } يعني أنه لغالب قهار متكبر فيها { وإنه لمن المسرفين } يعني من المجاوزين الحد لأنه كان عبداً فادعى الربوبية وكان كثير القتل والتعذيب لبني إسرائيل.