خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْباً وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَأَخَذَتِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ
٩٤
كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَآ أَلاَ بُعْداً لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ
٩٥
وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ
٩٦
إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَٱتَّبَعُوۤاْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَآ أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ
٩٧
يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ ٱلنَّارَ وَبِئْسَ ٱلْوِرْدُ ٱلْمَوْرُودُ
٩٨
وَأُتْبِعُواْ فِي هَـٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ بِئْسَ ٱلرِّفْدُ ٱلْمَرْفُودُ
٩٩
ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَآئِمٌ وَحَصِيدٌ
١٠٠
وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـٰكِن ظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ ٱلَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَآءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ
١٠١
-هود

لباب التأويل في معاني التنزيل

{ ولما جاء أمرنا } يعني بعذابهم وإهلاكهم { نجينا شعيباً والذين آمنوا معه برحمة منا } يعني بفضل منا بأن هديناهم للإيمان ووفقناهم للطاعة { وأخذت الذين ظلموا } يعني ظلموا أنفسهم بالشرك والبخس { الصيحة } وذلك أن جبريل عليه السلام صاح بهم صيحة فخرجت أرواحهم وماتوا جميعاً، وقيل: أتتهم صيحة واحدة من السماء فماتوا جميعاً { فأصبحوا في ديارهم جاثمين } يعني ميتين وهو إستعارة من قولهم جثم الطير إذا قعد ولطأ بالأرض { كأن لم يغنوا فيها } يعني كأن لم يقيموا بديارهم مدة من الدهر مأخوذ من قولهم غني بالمكان إذا أقام فيه مستغنياً به عن غيره { ألا بعداً } يعني هلاكاً { لمدين كما بعدت ثمود } قال ابن عباس "لم تعذب أمتان قط بعذاب واحد إلى قوم شعيب وقوم صالح فأما قوم صالح فأخذتهم الصيحة من تحتهم وأما قوم شعيب فأخذتهم الصيحة من فوقهم" قوله عز وجل: { ولقد أرسلنا موسى بآياتنا } يعي بحججنا والبراهين التي أعطيناه الدالة على صدقه ونبوته { وسلطان مبين } يعني ومعجزة باهرة ظاهرة دالة على صدقه أيضاً قال بعض المفسرين المحققين سميت الحجة سلطاناً لأن صاحب الحجة يقهر من لا حجة معه كالسلطان يقهر غيره، وقال الزجاج: السلطان هو الحجة وسمي السلطان سلطاناً لأنه حجة الله في الأرض { إلى فرعون وملئه } يعني أتباعه وأشراف قومه { فاتبعوا أمر فرعون } يعني ما هو عليه من الكفر وترك الإيمان بما جاءهم به موسى { وما أمر فرعون برشيد } يعني وما طريق فرعون وماهو عليه بسديد ولا حميد العاقبة ولا يدعو إلى خير { يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار } يعني كما تقدم قومه فأدخلهم البحر في الدنيا كذلك يتقدم قومه يوم القيامة فيدخلهم النار ويدخل هو أمامهم، والمعنى كما كان قدوتهم في الضلال والكفر في الدنيا فكذلك هو قدوتهم وإمامهم في النار { وبئس الورد المورود } يعني: وبئس الدخل المدخول فيه وقيل شبه الله تعالى فرعون في تقدمه على قومه إلى النار بمن يتقدم على الوارد إلى الماء وشبه أتباعه بالواردين بعده ولما كان ورود الماء محموداً عند الواردين لأنه يكسر العطش قال في حق فرعون وأتباعه فأوردهم النار وبئس الورد المورود لأن الأصل فيه قصد الماء واستعمل في ورود النار على سبيل الفظاعة { وأتبعوا في هذه } يعني في هذه الدنيا { لعنة } يعني طرداً وبعداً عن الرحمة { ويوم القيامة } يعني وأتبعوا لعنة أخرى يوم القيامة مع اللعنة التي حصلت لهم في الدنيا { بئس الرفد المرفود } يعني بئس العون المعان وذلك أن اللعنة في الدنيا رفد للعنة في الآخرة وقيل معناه بئس العطاء المعطى وذلك أن ترادف عليهم لعنتان لعنة في الدنيا ولعنة في الآخرة.
وقوله سبحانه وتعالى: { ذلك من أنباء القرى } يعني من أخبار أهل القرى وهم الأمم السالفة والقرون الماضية { نقصّه عليك } يعني نخبرك به يا محمد لتخبر قومك أخبارهم لعلهم يعتبرون بهم فيرجعوا عن كفرهم أو ينزل بهم مثل ما نزل بهم من العذاب { منها } يعني من القرى التي أهلكنا أهلها { قائم وحصيد } يعني منها عامر ومنها خراب وقيل منها قائم يعني الحيطان بغير سقوف ومنها ما قد محي أثره بالكلية شبهها الله تعالى بالزرع الذي بعضه قائم على سوقه وبعضهم قد حصد وذهب أثره والحصيد بمعنى المحصود { وما ظلمناهم } يعني بالعذاب والإهلاك { ولكن ظلموا أنفسهم } يعني بالكفر والمعاصي { فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك } يعني بعذابهم أي لم تنفعهم أصنامهم ولم تدفع عنهم العذاب { وما زادوهم غير تتبيب } يعني غير تخسير وقيل غير تدمير.