خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا مَنَعَ ٱلنَّاسَ أَن يُؤْمِنُوۤاْ إِذْ جَآءَهُمُ ٱلْهُدَىٰ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَبَعَثَ ٱللَّهُ بَشَراً رَّسُولاً
٩٤
قُل لَوْ كَانَ فِي ٱلأَرْضِ مَلاۤئِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَلَكاً رَّسُولاً
٩٥
قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً
٩٦
وَمَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً
٩٧
-الإسراء

لباب التأويل في معاني التنزيل

قوله عز وجل: { وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى } أي الوحي. والمعنى: وما منعهم الإيمان بالقرآن وبنبوة محمد صلى الله عليه وسلم إلا شبهة تلجلجت في صدورهم هي إنكارهم أن يرسل الله البشر وهو قوله تعالى { إلا أن قالوا } أي جهلاً منهم { أبعث الله بشراً رسولاً } وذلك أن الكفار كانوا يقولون لن نؤمن لك لأنك بشر وهلا بعث الله إلينا ملكاً فأجابهم الله بقوله: { قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين } أي مستوطنين مقيمين فيها { لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً } أي من جنسهم لأن الجنس إلى الجنس أميل { قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم } أي على أني رسوله إليكم وإني قد بلغت ما أرسلت به إليكم، وأنكم كذبتم وعاندتم { إنه كان بعباده } يعني المنذرين والمنذرين { خبيراً بصيراً } أي عالماً بأحوالهم، فهو مجازيهم وفيه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ووعيد الكفار { ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه } أي يهدونهم وفيه أيضاً تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم، وهو أن الذين حكم لهم بالإيمان والهداية وجب أن يصيروا مؤمنين ومن سبق لهم حكم الله بالضلال والجهل استحال أن ينقلبوا عن ذلك { ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم } (ق) عن أنس "أن رجلاً قال: يا رسول الله قال الله الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أيحشر الكافر على وجهه قال رسول الله: صلى الله عليه وسلم أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا، قادراً على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة؟ قال قتادة حين بلغه بلى وعزة ربنا" وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف صنفاً مشاة، وصنفاً ركباناً، وصنفاً على وجوههم. قيل يا رسول الله وكيف يمشون على وجوههم قال: إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم أما إنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك" أخرجه الترمذي الحدب كل ما ارتفع من الأرض { عمياً وبكماً وصماً } أي لا يبصرون ولا ينطقون ولا يسمعون. فإن قلت: كيف وصفهم بأنهم عمي وبكم وصم وقد قال الله تعالى { ورأى المجرمون النار } [الكهف: 53] وقال { دعوا هنالك ثبوراً } [الفرقان: 13] وقال { سمعوا لها تغيظاً وزفيراً } [الفرقان: 12] فأثبت لهم الرؤية والكلام والسمع. قلت فيه أوجه: أحدهما قال ابن عباس معناه عمياً لا يبصرون ما يسرهم بكماً لا ينطقون بحجة صماً لا يسمعون ما يسرهم. الوجه الثاني: قيل معناه يحشرون على ما وصفهم الله وتعالى: ثم تعاد إليهم هذه الأشياء. الوجه الثالث: قيل معناه هذا حين يقال لهم اخسئوا فيها، ولا تكلمون فيصيرون بأجمعهم عمياً وبكماً وصماً لا يرون ولا ينطقون ولا يسمعون { مأواهم جهنم كلما خبت } اي سكن لهيبها. وقيل: ضعفت وهدأت من غير أن يوجد نقصان في إيلام الكفار، لأن الله سبحانه وتعالى قال: لا يفتر عنهم وقيل معناه أرادت أن تخبو { زدناهم سعيراً } أي وقوداً وقيل معناه خبت أي نضجت جلودهم واحترقت أعيدوا إلى ما كانوا عليه، وزيد في سعير النار لتحرقهم.