خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي ٱلْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً
١١
ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُواْ أَمَداً
١٢
نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نبَأَهُم بِٱلْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُواْ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى
١٣
وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً
١٤
هَـٰؤُلاۤءِ قَوْمُنَا ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً لَّوْلاَ يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً
١٥
وَإِذِ ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ فَأْوُوا إِلَى ٱلْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِّنْ أَمْرِكُمْ مِّرْفَقاً
١٦
وَتَرَى ٱلشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ ٱلْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ ٱلشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِّنْهُ ذٰلِكَ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً
١٧
-الكهف

لباب التأويل في معاني التنزيل

قوله سبحانه وتعالى: { فضربنا على أذانهم } أي ألقينا عليهم النوم، وقيل منعنا نفوذ الأصوات إلى مسامعهم فإن النائم إذا سمع الصوت ينتبه { في الكهف سنين عدداً } أي أنمناهم سنين كثيرة فإن العدد يدل على الكثرة { ثم بعثناهم } أي من نومهم { لنعلم } أي علم مشاهدة وذلك أن الله عز وجل لم يزل عالماً، وإنما أراد ما تعلق به العلم من ظهور الأمر لهم ليزدادوا إيماناً واعتباراً { أي الحزبين } أي الطائفتين { أحصى لما لبثوا أمداً } أي أحفظ لما مكثوا في كهفهم نياماً وذلك أن أهل المدينة تنازعوا في مدة لبثهم في الكهف. قوله تعالى { نحن نقص عليك نبأهم بالحق } أي نقرأ عليك خبر أصحاب الكهف بالحق أي بالصدق { إنهم فتية } أي شبان { آمنوا بربهم وزدناهم هدى } أي إيماناً وبصيرة { وربطنا على قلوبهم } أي شددنا على قلوبهم بالصبر والتثبيت وقويناهم بنور الإيمان حتى صبروا على هجران دار قومهم، ومفارقة ما كانوا عليه من خفض العيش وفروا بدينهم إلى الكهف { إذ قاموا } يعني بين يدي دقيانوس الجبار حين عاتبهم على ترك عبادة الأصنام { فقالوا } أي الفتية { ربنا رب السموات والأرض لن ندعو من دونه إلهاً } إنما قالوا ذلك لأن قومهم كانوا يعبدون الأصنام { لقد قلنا إذاً شططاً } قال ابن عباس: يعني جوراً وقيل كذباً يعني إن دعونا غير الله { هؤلاء قومنا } يعني أهل بلدهم { اتخذوا من دونه } أي من دون الله { آلهة } يعني أصناماً يعبدونها { لولا } أي هلا { يأتون عليهم } أي على عبادة الأصنام { بسلطان بين } أي بحجة واضحة وفيه تبكيت لأن الإتيان بحجة على عبادة الأصنام محال { فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً } أي وزعم أنه له شريكاً أو ولداً ثم قال بعضهم لبعض { وإذ اعتزلتموهم } يعني قومكم { وما يعبدون إلا الله } وذلك أنهم كانوا يعبدون الله، ويعبدون معه الأصنام والمعنى وإذا اعتزلتموهم وجميع ما يعبدون إلا الله فإنكم لم تعتزلوا عبادته { فأووا إلى الكهف } أي الجؤوا إليه { ينشر لكم } أي يبسط لكم { ربكم من رحمته ويهيىء } أي يسهل { لكم من أمركم مرفقاً } أي ما يعود إليه يسركم ورفقكم. قوله سبحانه وتعالى { وترى الشمس إذا طلعت تزاور } أي تميل وتعدل { عن كهفهم ذات اليمين } أي جانب اليمين { وإذا غربت تقرضهم } أي تتركهم وتعدل عنهم { ذات الشمال وهم في فجوة منه } أي متسع من الكهف { ذلك من آيات الله } أي من عجائب صنعه ودلالات قدرته وذلك أن ما كان في ذلك السمت تصيبهم الشمس ولا تصيبهم اختصاصاً لهم بالكرامة، وقيل إن باب الكهف شمالي مستقبل لبنات نعش فهم في مقنأة أبداً لا تقع الشمس عليهم عند الطلوع ولا عند الغروب ولا عند الاستواء فتؤذيهم بحرها، ولكن اختار الله لهم مضجعاً في متسع ينالهم فيه برد الريح ونسيمها ويدفع عنهم كرب الغار وغمه، وعلى هذا القول يكون معنى قوله ذلك من آيات الله أي إن شأنهم وحديثهم من آيات الله { من يهد الله فهو المهتد } يعني مثل أصحاب الكهف وفيه ثناء عليهم { ومن يضلل } أي ومن يضلله الله ولم يرشده { فلن تجد له ولياً } أي معيناً { مرشداً } أي يرشده.