خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ
١٠٢
وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فأُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ
١٠٣
تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ ٱلنَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ
١٠٤
أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ
١٠٥
قَالُواْ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَآلِّينَ
١٠٦
رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ
١٠٧
قَالَ ٱخْسَئُواْ فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ
١٠٨
إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَآ آمَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ ٱلرَّاحِمِينَ
١٠٩
فَٱتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّىٰ أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِّنْهُمْ تَضْحَكُونَ
١١٠
إِنِّي جَزَيْتُهُمُ ٱلْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوۤاْ أَنَّهُمْ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ
١١١
قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ
١١٢
قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ ٱلْعَآدِّينَ
١١٣
قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
١١٤
-المؤمنون

لباب التأويل في معاني التنزيل

قوله عزّ وجلّ: { فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا } أي غبنوا { أنفسهم في جهنم خالدون تلفح } أي تسفح وقيل تحرق { وجوههم النار وهم فيها كالحون } أي عابسون وقد بدت أسنانهم وتقلصت شفاههم كالرأس المشوي على النار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم: "وهم فيها كالحون قال تشويه النار فتنقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته" . أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح غريب. قوله تعالى { ألم تكن آياتي تتلى عليكم } يعني قوارع القرآن وزواجره تخوفون بها { فكنتم بها تكذبون قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا } أي التي كتبت علينا فلم نهتد { وكنا قوماً ضالين } أي عن الهدى { ربنا أخرجنا منها } أي من النار { فإن عدنا } أي لما تكره { فإنا ظالمون قال اخسؤوا فيها } أي ابعدوا فيها كما يقال للكلب إذا طرد أخسأ { ولا تكلمون } أي في رفع العذاب فإني لا أرفعه عنكم فعند ذلك أيس المساكين من الفرج.
قال الحسن: هو آخر كلام يتكلم به أهل النار ثم لا يتكلمون بعد ذلك ما هو إلا الزفير والشهيق وعواء كعواء الكلاب لا يفهمون ولا يفهمون. وروي عن عبد الله بن عمرو "إن أهل جهنم يدعون مالكاً خازن جهنم أربعين عاماً يا مالك ليقض علينا ربك فلا يجيبهم ثم يقول إنكم ماكثون ثم ينادون ربهم ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون فيدعهم مثل عمر الدنيا مرتين ثم يرد عليهم اخسؤوا فيها ولا تكلمون فما ينبس القوم بعد ذلك بكلمة إن كان إلا الزفير والشهيق". ذكره البغوي بغير سند وأخرجه الترمذي بمعناه عن أبي الدرداء قوله فما ينبس القوم بعد ذلك بكلمة أي سكتوا ولم يتكلموا بكلمة وقيل إذا قال لهم اخسؤوا فيها ولا تكلمون انقطع رجاؤهم وأقبل بعضهم ينبح في وجه بعض وأطبقت عليهم جهنم { إنه كان فريق من عبادي } يعني المؤمنين { يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين فاتخذتموهم سخرياً } أي تسخرون منهم وتستهزئون بهم { حتى أنسوكم ذكري } اشتغالكم بالاستهزاء بهم ذكري { وكنتم منهم تضحكون } نزل في كفار قريش كانوا يستهزئون بالفقراء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل بلال وعمار وصهيب وخباب ثم قال الله { إني جزيتهم اليوم بما صبروا } أي على أذاكم واستهزائكم في الدنيا { أنهم هم الفائزون } أي جزيتهم بصبرهم الفوز بالجنة { قال } يعني أن الله قال للكفار يوم البعث { كم لبثتم في الأرض } أي في الدنيا وفي القبور { عدد سنين قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم } معناه أنهم نسوا مدة لبثهم في الدنيا لعظم ما هم بصدده من العذاب { فاسأل العادين } يعني الملائكة الذين يحفظون أعمال بني آدم ويحصونها عليهم { قال إن لبثتم } أي ما لبثتم في الدينا { إلاّ قليلا } سماه قليلا لأن المرء وإن طال لبثه في الدنيا. فإنه يكون قليلا في جنب ما يلبث في الآخرة { لو أنكم كنتم تعلمون } يعني قدر لبثكم في الدنيا.