خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أُوْلَـٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ
٦١
وَلاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِٱلْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ
٦٢
بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَـٰذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِّن دُونِ ذٰلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ
٦٣
حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِٱلْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ
٦٤
لاَ تَجْأَرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِّنَّا لاَ تُنصَرُونَ
٦٥
قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ
٦٦
مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ
٦٧
أَفَلَمْ يَدَّبَّرُواْ ٱلْقَوْلَ أَمْ جَآءَهُمْ مَّا لَمْ يَأْتِ آبَآءَهُمُ ٱلأَوَّلِينَ
٦٨
أَمْ لَمْ يَعْرِفُواْ رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنكِرُونَ
٦٩
أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَآءَهُمْ بِٱلْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ
٧٠
وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلْحَقُّ أَهْوَآءَهُمْ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِمْ مُّعْرِضُونَ
٧١
-المؤمنون

لباب التأويل في معاني التنزيل

وقوله: { أولئك يسارعون في الخيرات } أي يبادرون إلى الأعمال الصالحة { وهم لها سابقون } أي إليها وقال ابن عباس سبقت لهم من الله السعادة وقيل سبقوا الأمم إلى الخيرات. قوله عزّ وجلّ { ولا نكلف نفساً إلا وسعها } أي طاقتها من الأعمال، فمن لم يستطع القيام فليصل قاعداً ومن لم يستطع الصوم فليفطر { ولدينا كتاب } هو اللوح المحفوظ { ينطق بالحق } أي يبين الصدق والمعنى قد أثبتنا عمل كل عامل في اللوح المحفوظ فهو ينطق به ويبينه وقيل هو كتاب أعمال العباد التي تكتبها الحفظة { وهم لا يظلمون } أي لا ينقص من حسناتهم ولا يزاد على سيئاتهم ثم ذكر الكفار فقال تعالى { بل قلوبهم في غمرة } أي غفلة وجهالة { من هذا } يعني القرآن { ولهم أعمال } أي للكفار أعمال خبيثة من المعاصي والخطايا محكومة عليهم { من دون ذلك } يعني من دون أعمال المؤمنين التي ذكرها الله في قوله { إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون } [المؤمنون: 57] { هم } يعني الكفار { لها } أي لتلك الأعمال الخبيثة { عاملون } أي لا بد لهم من أن يعملوها فيدخلوا بها النار لما سبق لهم في الأزل من الشقاوة { حتى إذا أخذنا مترفيهم } أي رؤساءهم وأغنياءهم { بالعذاب } قال ابن عباس: هو السيف يوم بدر وقيل هو الجوع حين دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها سنين كسني يوسف فابتلاهم الله بالقحط حتى أكلوا الكلاب والجيف" { إذا هم يجأرون } أي يصيحون ويستغيثون ويجزعون { لا تجأروا اليوم } يعني لا تجزعوا ولا تضجوا اليوم { إنكم منا لا تنصرون } يعني لا تمنعون منا ولا ينفعكم تضرعكم { قد كانت آياتي تتلى عليكم } يعني القرآن { فكنتم على أعقابكم تنكصون } يعني ترجعون القهقرى وتتأخرون عن الإيمان { مستكبرين } قال ابن عباس: أي بالبيت الحرام كناية عن غير مذكور أي مستعظمين بالبيت وذلك أنهم كانوا يقولون نحن أهل حرم الله وجيران بيته فلا يظهر علينا أحد ولا نخاف أحداً فيأمنون فيه وسائر الناس في الخوف. وقيل مستكبرين به أي بالقرآن فلم يؤمنوا به والقول الأول أظهر { سامراً } يعني أنهم يسمرون بالليل حول البيت وكان عامة سمرهم ذكر القرآن وتسميته سحراً أو شعراً ونحو ذلك من القول فيه وفي النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو قوله { تهجرون } من الإهجار وهو الإفحاش في القول وقيل معنى تهجرون تعرضون عن النبيّ صلى الله عليه وسلم وعن الإيمان به وبالقرآن وقيل هو من الهجر وهو القول القبيح أي تهذبون وتقولون ما لا تعلمون { أفلم يدبروا القول } يعني أفلم يتدبروا ما جاءهم من القرآن فيعتبرون بما فيه من الدلالات الواضحة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم { أم جاءهم مالم يأت آباءهم الأولين } يعني فأنكروا يريد إنا قد بعثنا من قبلهم رسلاً إلى قومهم فكذلك بعثنا محمداً صلى الله عليه وسلم { أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون } قال ابن عباس: أليس قد عرفوا محمداً صلّى الله عليه وسلم صغيراً وكبيراً وعرفوا نسبه وصدقه وأمانته ووفاءه بالعهود وهذا على سبيل التوبيخ لهم على الإعراض عنه بعد ما عرفوه بالصدق والأمانة { أم يقولون به جنة } أي جنون وليس هو كذلك { بل جاءهم بالحق } بالصدق والقول الذي لا تخفى صحته وحسنه على عاقل { وأكثرهم للحق كارهون }. قوله عزّ وجلّ { ولو اتبع الحق أهواءهم } قيل الحق هو الله تعالى والمعنى ولو اتبع الله مرادهم فيما يفعل. وقيل: لو سمى لنفسه شريكاً وولداً كما يقولون وقيل: الحق هو القرآن أي لو نزل القرآن بما يحبون وما يعتقدون { لفسدت السموات والأرض ومن فيهن } أي لفسد العالم { بل أتيناهم بذكرهم } قال ابن عباس بما فيه شرفهم وفخرهم وهو القرآن { فهم عن ذكرهم } أي شرفهم { معرضون }.