خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ
٨
وَقَالَتِ ٱمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
٩
وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغاً إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلاۤ أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ
١٠
وَقَالَتْ لأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
١١
وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ ٱلْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ
١٢
-القصص

لباب التأويل في معاني التنزيل

قوله تعالى: { فالتقطه آل فرعون } الالتقاط هو وجود الشيء من غير طلب { ليكون لهم عدواً وحزناً } أي عاقبة أمرهم إلى ذلك لأنهم لم يلتقطوه ليكون لهم عدواً وحزناً { إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين } أي آثمين وقيل: هو من الخطأ ومعناه أنهم لم يشعروا أنه الذي يذهب بملكهم { وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً ولا يشعرون } قال وهب لما نظر إليه فرعون قال عبراني من الأعداء فغاظه ذلك وقال كيف أخطأ هذا الغلام الذبح وكانت آسية امرأة فرعون من خيار النساء ومن بنات الأنبياء. وكانت أماً للمساكين ترحمهم وتتصدق عليهم فقالت لفرعون وهي قاعدة إلى جنبه هذا الوليد أكبر من ابن سنة وأنت أمرت أن تذبح ولدان هذه السنة فدعه يكون عندي. وقيل: إنها قالت إنه أتانا من أرض أخرى وليس هو من بني إسرائيل فاستحياه فرعون وألقى الله محبته عليه قال ابن عباس لو أن عدو الله قال في موسى كما قالت آسية عسى أن ينفعنا لنفعه الله ولكنه أبى للشقاء الذي كتبه الله عليه قوله تعالى { وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً } أي خالياً من كل شيء إلا من ذكر موسى وهمه وقيل معناه ناسياً للوحي الذي أوحى الله عز وجل إليه حين أمرها أن تلقيه في اليم ولا تخاف ولا تحزن والعهد الذي عهد إليها أن يرده إليها ويجعله من المرسلين، فجاءها الشيطان وقال كرهت أن يقتل فرعون ولدك فيكون لك أجره وثوابه وتوليت أنت قتله وألقيته في البحر وأغرقته. ولما أتاها الخبر بأن فرعون أصابه في النيل قالت إنه قد وقع في يد عدوه الذي فررت منه فأنساه عظم البلاء ما كان من عهد الله إليها { إن كادت لتبدي به } أي لتصرح بأنه ابنها من شدة وجلها.
قال ابن عباس كادت تقول وا ابناه وقيل لما رأت التابوت ترفعه موجة وتحطه أخرى خشيت عليه الغرق فكادت تصيح من شدة شفقتها عليه. وقيل كادت تظهر أنه ابنها حين سمعت الناس يقولون موسى ابن فرعون فشق عليها ذلك وكادت تقول هو ابني وقيل كادت تبدي بالوحي الذي أوحى إليها { لولا أن ربطنا على قلبها } أي بالعصمة والصبر والتثبت { لتكون من المؤمنين } أي من المصدقين بوعد الله إياها { وقالت لأخته } أي لمريم أخت موسى { قصيه } أي اتبعي أثره حتى تعطي خبره { فبصرت به عن جنب } أي عن بعد قيل كانت تمشي جانباً وتنظره اختلاساً ترى أنها لا تنظره { وهم لا يشعرون } أنها أخته وأنها ترقبه { وحرمنا عليه المراضع } المراد به المنع قيل مكث موسى ثمان ليال لا يقبل ثدياً قال ابن عباس إن امرأة فرعون كان همها من الدنيا أن تجد من ترضعه كلما أتوا بمرضعة لم يأخذ ثديها وهم في طلب من يرضعه لهم { من قبل } أي قبل مجيء أم موسى وذلك لما رأته أخت موسى التي أرسلتها أمه في طلب ذلك { فقالت } يعني أخت موسى { هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم } أي يضمونه ويرضعونه وهي امرأة قتل ولدها فأحب ما تدعى إليه أن تجد صغيراً ترضعه { وهم له ناصحون } أي لا يمنعونه ما ينفعه من تربيته وغذائه والنصح إخلاص العمل من شوائب الفساد. قيل لما قالت: وهم له ناصحون قالوا: إنك قد عرفت هذا الغلام فدلينا على أهله قالت ما أعرفه ولكن قلت وهم للملك ناصحون وقيل: إنها قالت إنما قلت ذلك رغبة في سرور الملك واتصالنا به. وقيل قالوا من هم قالت أمي قالوا ولأمك ولد قالت نعم هارون وكان هارون ولد في السنة التي لا يقتل فيها قالوا صدقت فأتينا بها فانطلقت إليها وأخبرتها بحال ابنها وجاءت بها إليهم فلما وجد الصبي ريح أمه قبل ثديها وجعل يمصه حتى امتلأ جنباه رياً قيل كانوا يعطونها كل يوم ديناراً.