خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ
٥٤
يَوْمَ يَغْشَاهُمُ ٱلْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيِقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ
٥٥
يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَٱعْبُدُونِ
٥٦
كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ
٥٧
وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْجَنَّةِ غُرَفَاً تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ
٥٨
ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
٥٩
وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا ٱللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ
٦٠
-العنكبوت

لباب التأويل في معاني التنزيل

{ يستعجلونك بالعذاب } أعاده تأكيداً { وإن جهنم لمحيطة بالكافرين } أي جامعة لهم لا يبقى منهم أحد إلا دخلها { يوم يغشاهم العذاب } أي يصيبهم { من فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون } أي جزاء ما كنتم تعملون. قوله تعالى { يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون } قيل نزلت في ضعفاء مسلمي أهل مكة يقول الله تعالى إن كنتم في ضيق بمكة من إظهار الإيمان فاخرجوا منها إلى أرض المدينة فإنها واسعة آمنة، وقيل نزلت في قوم تخلفوا عن الهجرة وقالوا نخشى إن هاجرنا من الجوع وضيق المعيشة فأنزل الله تعالى هذه الأية ولم يعذرهم بترك الخروج وقيل المعنى فهاجروا فيها أي فجاهدوا فيها. وقال سعيد بن جبير: إذا عملوا في الأرض بالمعاصي فاهربوا منها فإن أرضي واسعة وقيل إذا أمرتم بالمعاصي فاهربوا فإن أرضي واسعة وكذلك يجب على كل من كان في بلد يعمل فيه بالمعاصي ولا يمكنه تغيير ذلك أن يهاجر إلى بلد تتهيأ له فيها العبادة وقيل معنى إن أرضي واسعة يعني رزقي لكم واسع فاخرجوا { كل نفس ذائفة الموت } يعني كل أحد ميت خوفهم بالموت لتهون الهجرة عليهم فلا يقيموا بدار الشرك خوفاً من الموت { ثم إلينا ترجعون } فنجزيكم بأعمالكم.
قوله تعالى { والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفاً } أي علالي جمع غرفة وهي العلية { تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين } أي لله بطاعته { الذين صبروا } على الشدائد ولم يتركوا دينهم لشدة لحقتهم وقيل صبروا على الهجرة ومفارقة الأوطان وعلى أذى المشركين وعلى المحن والمصائب وعلى الطاعات وعن المعاصي { وعلى ربهم يتوكلون } أي يعتمدون على الله في جميع أمورهم. قوله عز وجل { وكأين من دابة لا تحمل رزقها } وذلك
" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمؤمنين الذين كانوا بمكة وقد آذاهم المشركون هاجروا إلى المدينة فقالوا كيف نخرج إلى المدينة وليس لنا بها دار ولا مال فمن يطعمنا بها ويسقينا فأنزل الله: وكأين من دابة لا تحمل رزقها " أي لا ترفع رزقها معها لضعفها ولا تدخر شيئاً لغد مثل البهائم والطير { الله يرزقها وإياكم } حيث كنتم { وهو السميع } أي لأقوالكم { العليم } بما في قلوبكم عن عمر بن الخطاب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً" . أخرجه الترمذي وقال حديث حسن ومعناه أنها تذهب أول النهار جياعاً ضامرة البطون وتروح آخر النهار إلى أوكارها شباعاً ممتلئة البطون ولا تدخر شيئاً قال سفيان بن عيينة ليس شيء من خلق الله يخبأ إلا الإنسان والفأرة والنملة. عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أيها الناس ليس من شيء يقاربكم من الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أمرتكم به وليس شيء يقربكم من النار ويباعدكم من الجنة إلا وقد نهيتكم عنه ألا وإن الروح الأمين نفث في روعي" الروح: بضم الراء وبالعين المهملة هو القلب والعقل وبفتح الراء هو الخوف قال الله تعالى { فلما ذهب عن إبراهيم الروع } [هود: 74] أي الخوف "أنه ليس من نفس تموت حتى تستوفي رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله عز وجل فإنه لا يدرك ما عند الله إلا بطاعته" .