خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

هُنَالِكَ ٱبْتُلِيَ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً شَدِيداً
١١
وَإِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً
١٢
وَإِذْ قَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ يٰأَهْلَ يَثْرِبَ لاَ مُقَامَ لَكُمْ فَٱرْجِعُواْ وَيَسْتَئْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ ٱلنَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً
١٣
وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُواْ ٱلْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُواْ بِهَآ إِلاَّ يَسِيراً
١٤
وَلَقَدْ كَانُواْ عَاهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ ٱلأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ ٱللَّهِ مَسْئُولاً
١٥
قُل لَّن يَنفَعَكُمُ ٱلْفِرَارُ إِن فَرَرْتُمْ مِّنَ ٱلْمَوْتِ أَوِ ٱلْقَتْلِ وَإِذاً لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً
١٦
قُلْ مَن ذَا ٱلَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوۤءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً
١٧
قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَٱلْقَآئِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلاَ يَأْتُونَ ٱلْبَأْسَ إِلاَّ قَلِيلاً
١٨
-الأحزاب

لباب التأويل في معاني التنزيل

{ هنالك ابتلي المؤمنون } أي عند ذلك اختبر المؤمنون بالحصر والقتال ليتبين المخلصون من المنافقين { وزلزلوا زلزالاً شديداً } أي حركوا حركة شديدة { وإذ يقول المنافقون } يعني معتب بن قشير وقيل عبد الله بن أبيّ وأصحابه { والذين في قلوبهم مرض } أي شك وضعف اعتقاد { ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً } هو قول أهل النفاق يعدنا محمد فتح قصور الشام وفارس وأحدنا لا يستطيع أن يجاوز رحله هذا هو الغرور. قوله تعالى { وإذ قالت طائفة منهم } أي من المنافقين وهم أوس بن قيظي وأصحابه { يا أهل يثرب } يعني يا أهل المدينة وقيل يثرب اسم الأرض ومدينة الرسول صلى الله عليه وسلم في ناحية منها سميت يثرب باسم رجل من العماليق كان قد نزلها في قديم الزمان. وفي بعض الأخبار أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تسمى المدينة يثرب وقال هي طيبة كأنه كره هذه اللفظة لما فيها من التثريب وهو التقريع والتوبيخ { لا مقام لكم } أي لا مكان لكم تنزلون وتقيمون فيه { فارجعوا } أي إلى منازلكم وقيل عن اتباع محمد صلى الله عليه وسلم وقيل عن القتال { ويستأذن فريق منهم النبي } يعني بني حارثة وبني سلمة { يقولون إن بيوتنا عورة } أي خالية ضائعة وهي مما يلي العدو ونخشى عليها السراق فكذبهم الله تعالى بقوله { وما هي بعورة إن يريدون إلا فراراً } أي أنهم لا يخافون ذلك إنما يريدون الفرار من القتال { ولو دخلت عليهم من أقطارها } يعني لو دخل هؤلاء الجيوش الذين يريدون قتالهم وهم الأحزاب من نواحي المدينة وجوانبها { ثم سئلوا الفتنة } أي الشرك { لأتوها } أي لجاؤوها وفعلوها ورجعوا عن الإسلام { وما تلبثوا بها } أي ما احتبسوا عن الفتنة { إلا يسيرا } أي لأسرعوا الإجابة إلى الشرك طيبة به نفوسهم، وقيل معناه وما أقاموا بالمدينة بعد إعطاء الكفر إلا قليلا حتى يهلكوا. قوله عز وجل { ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل } أي من قبل غزوة الخندق { لا يولون الأدبار } أي لا ينهزمون، قيل هم بنو حارثة هموا يوم أحد أن يفشلوا مع بني سلمة، فلما نزل فيهم ما نزل عاهدوا الله أن لا يعودوا لمثلها، وقيل هم أناس غابوا عن وقعة بدر فلما رأوا ما أعطى الله أهل بدر من الكرامة والفضيلة قالوا لئن أشهدنا الله قتالاً لنقاتلن فساق الله إليهم ذلك { وكان عهد الله مسؤولاً } أي عنده في الآخرة { قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل } أي الذي كتب عليكم لأن من حضر أجله مات أو قتل لا بد من ذلك { وإذاً لا تمتعون } أي بعد الفرار { إلا قليلاً } أي مدة آجالكم وهي قليل { قل من ذا الذي يعصمكم } أي يمنعكم { من الله إن أراد بكم سوءاً } أي هزيمة { أو أراد بكم رحمة } أي نصراً { ولا يجدون لهم من دون الله ولياً ولا نصيراً } أي ناصراً يمنعهم { قد يعلم الله المعوقين منكم } أي المثبطين الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { والقائلين لإخوانهم هلم إلينا } أي ارجعوا إلينا ودعوا محمداً صلى الله عليه وسلم فلا تشهدوا معه الحرب فإنا نخاف عليكم الهلاك، قيل هم أناس من المنافقين كانوا يثبطون أنصار النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون لهم ما محمد وأصحابه إلا أكلة رأس ولو كانوا لحماً لالتهمهم أي ابتلعهم أبو سفيان وأصحابه دعوا الرجل فإنه هالك. وقيل نزلت في المنافقين وذلك أن اليهود أرسلت إليهم ما الذي يحملكم على قتل أنفسكم بيد أبي سفيان ومن معه، فإنهم إن قدروا عليكم في هذه المرة لم يستبقوا منكم أحداً وإنا نشفق عليكم فأنتم إخواننا وجيراننا هلموا إلينا فأقبل عبد الله بن إبيّ ابن سلول وأصحابه على المؤمنين يعوقونهم ويخوفونهم بأبي سفيان ومن معه، وقالوا لئن قدر اليوم عليكم لم يستبق منك أحداً أما ترجعون عن محمد ما عنده خير ما هو إلا أن يقتلنا ها هنا انطلقوا بنا إلى إخواننا يعني اليهود، فلم يزدد المؤمنين بقول المنافقين إلا إيماناً واحتساباً وقوله تعالى { ولا يأتون البأس } يعني الحرب { إلا قليلاً } أي رياء و سمعة من غير احتساب ولو كان ذلك القليل لله لكان كثيراً.